كتاب البيان في مذهب الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)
[مسألة: رهن قسط من مشاع]
وما صح رهنه.. صح رهن جزء منه مشاعا، سواء كان مما ينقسم، كالدور والأرضين، أو مما لا ينقسم، كالجواهر، وسواء رهنه من شريكه أو من غيره، وبه قال مالك، والأوزاعي، وابن أبي ليلى، وعثمان البتي.
وقال أبو حنيفة: (لا يصح رهن المشاع من غير شريكه) . وفي رهنه من شريكه روايتان، وإن طرأت الإشاعة على الرهن، بأن يبيع بعضه بإذن المرتهن.. فهل يبطل الرهن؟ فيه روايتان عنه.
دليلنا: أن المشاع يصح بيعه، فصح رهنه، كالمفرد، ولأن كل من جاز له أن يرتهن المفرد.. جاز له أن يرتهن المشاع. أصله إذا ارتهن رجلان من رجل شيئا؛ لأن الرهن مشاع بين المرتهنين.
وإن كان بين رجلين دار فيها بيوت، فرهن أحدهما نصيبه من بيت، من غير شريكه، فإن كان بإذن شريكه.. صح الرهن، وإن كان بغير إذنه.. ففيه وجهان:
أحدهما: يصح، كما يصح بيعه.
والثاني: لا يصح؛ لأن في ذلك ضررا على شريكه؛ لأنهما قد يقتسمان، فيقع هذا البيت في حق شريكه، فيكون قد رهن ملك غيره بغير إذنه، بخلاف البيع، فإنه إذا باعه.. زال ملكه فيه، ولا يملك المقاسمة على ما باع.
إذا ثبت هذا: ورهن شقصا مشاعا في عين بينه وبين غيره، فإن كان مما لا ينقل.. فإن الراهن يخلي بينه وبين المرتهن، سواء حضر الشريك أو لم يحضر. وإن كان مما ينقل، كالجواهر، والعبيد، وما أشبههما.. فإن القبض لا يحصل فيها إلا بالنقل، ولا يمكنه تناولها إلا بإذن الشريك، فإن رضي الشريك.. تناولها، وإن امتنع، فإن رضي المرتهن أن تكون في يد الشريك.. جاز، وناب عنه في القبض. وإن تنازعا.. فإن الحاكم ينصب عدلا يكون في يده لهما، وإن كان مما له منفعة.. أجره عليهما.
الصفحة 32
558