كتاب البيان في مذهب الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

[مسألة: لا يرهن إلا ما يملك]
ولا يجوز رهن مال الغير من غير إذنه؛ لأنه لا يقدر على تسليمه، فهو كما لو رهنه سمكة في البحر. وإن كان في يده مال لمن يرثه، فباعه، أو رهنه قبل أن يعلم بموته، ثم بان أنه كان قد مات قبل البيع والرهن.. ففيه وجهان:
أحدهما ـ وهو المنصوص ـ: (أنه لا يصح) ؛ لأنه باع ورهن ما لا يعتقده ملكه، فكان متلاعبا في ذلك.. فلم يصح.
والثاني: يصح؛ لأنه بان أنه ملكه.
وهكذا: لو وكل رجلا يشتري له عبدا بعينه، فباعه الموكل، أو رهنه قبل أن يعلم بالشراء، أو قال: بعتك هذا العبد إن كان لي، فبان أنه كان له، أو كان له مال في صندوق، وكان قد رآه المرتهن، فرهنه، أو باعه وهو لا يتحقق كونه فيه، ثم بان أنه كان فيه.. قال الشيخ أبو حامد: فعلى هذين الوجهين: المنصوص: (أنه لا يصح) .

[فرع: رهن منفعة كسكنى دار]
وإن رهنه سكنى دار.. لم يصح؛ لأن الدين إن كان مؤجلا.. فالمنافع تتلف إلى وقت الحلول، وإن كان الدين حالا.. لم يحصل الاستيثاق؛ لأنه كلما مضى جزء.. فات، والرهن لا يلزم إلا بالقبض، والقبض لا يمكن في السكنى إلا بإتلافه، فكأنه رهنه ما لا يمكنه إقباضه. فإن قال: أردت به: إن أجرتها تكون الأجرة رهنا.. لم يصح أيضا؛ لأنه لا يدري بكم يؤاجرها، فكان باطلا.

[مسألة: رهن المشتري قبل القبض]
] : وإن اشترى عينا، فرهنها قبل أن يقبضها، فإن كان قبل أن يدفع الثمن.. لم يصح الرهن؛ لأنها مرهونة بالثمن، وكذلك إن رهنها بثمنها.. لم يصح؛ لأنها قد صارت مرهونة به، وإن نقد الثمن، ثم رهنها.. ففيه وجهان:

الصفحة 33