كتاب البيان في مذهب الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

للمرتهن، أو ينظر: كم كان المرهون؟ فيحلف عليه، فلم يحكم ببطلان الرهن.
قال الشيخ أبو حامد: فإذا رهنه بحق حال، فتوانى في قطع الثمرة الأولى حتى حدثت الثانية، واختلطت، ولم تتميز.. ففيه قولان:
أحدهما: يبطل الرهن؛ لأن الرهن قد صار مجهولا؛ لاختلاطه بما ليس برهن.
والثاني: لا يبطل؛ لأنه كان معلوما عند العقد، وعند حلول الحق، فلا يبطل بالجهالة الحادثة.
فإذا قلنا: يبطل.. فلا كلام. وإذا قلنا: لا يبطل.. قيل للراهن: أتسمح بترك الثمرة الثانية لتكون رهنا؟ فإن سمح.. فلا كلام، وإن لم يسمح، فإن اتفقا على قدر الأولى.. فلا كلام، وإن اختلفا في قدر الأولى.. فالقول قول الراهن مع يمينه في قدر الأولى، سواء كانت الثمرة في يده أو في يد المرتهن.
وقال المزني: إن كانت الثمرة في يد المرتهن.. فالقول قوله مع يمينه. وهذا غلط؛ لأنهما اتفقا على أن الحادثة ملك الراهن، وإنما يختلفان في قدر المرهون منهما، فكان القول قول الراهن مع يمينه؛ لأنه مدعى عليه.

[فرع: سقي الشجر المرهون]
وإذا رهنه ثمرة.. قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (فعلى الراهن سقيها وصلاحها وجذاذها وتشميسها، كما تكون عليه نفقة العبد) . وقال في موضع آخر: (ليس عليه تشميسها) .
قال أصحابنا: ليس التشميس على قولين، وإنما هو على اختلاف حالين: فالموضوع الذي قال: (عليه التشميس) إذا بلغت الثمرة أوان الجذاذ قبل حلول الحق، والذي قال: (ليس عليه التشميس) إذا كان الحق قد حل مع تكامل صلاح الثمرة؛ لأنها تباع في الحق، وليس لأحدهما أن يطالب بقطعها قبل أوان قطعها، إلا

الصفحة 43