كتاب البيان في مذهب الإمام الشافعي (اسم الجزء: 6)

[فرع: رهنا عند عدلين وأراد أحدهما تفويض حفظه للآخر]
إذا تركا الرهن على يد عدلين.. فهل لأحدهما أن يفوض حفظ جميعه إلى الآخر؟
فيه وجهان:
أحدهما: ليس له ذلك؛ لأن المتراهنين.. لم يرضيا إلا بأمانتهما جميعا، فهو كما لو أوصى إلى رجلين، فليس لأحدهما أن ينفرد بالتصرف.
فعلى هذا: عليهما أن يحفظا الرهن في حرز يدهما عليه، إما بملك، أو عارية، أو إجارة.
وإن سلم أحدهما جميعه إلى الآخر.. ضمن نصفه.
والثاني: يجوز؛ لأن عليهما مشقة في الاجتماع على حفظه، فإن كان مما لا ينقسم، كالعبد.. جاز لأحدهما أن يسلمه إلى الآخر.
وإن كان مما ينقسم، فاقتسما.. فهل لأحدهما أن يسلم إلى الآخر ما حصل بيده بعد القسمة؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجوز؛ لأنه لو سلم إليه ذلك قبل القسمة.. صح، فكذلك بعد القسمة.
والثاني: لا يجوز لأنهما لما اقتسما.. صار كما لو قسمه المتراهنان بينهما. هذا مذهبنا.
وقال أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (إن كان مما لا ينقسم.. جاز لكل واحد منهما إمساك جميعه، وإن كان مما ينقسم.. لم يجز، ويقتسمانه) .
دليلنا: أن المالك لم يرضَ إلا بأمانتهما، فلم يكن لأحدهما أن ينفرد بحفظ جميعه، كالوصيين.

[فرع: توكيل العدل ببيع الرهن وقت محله]
إذا وضعا الرهن على يد عدل، ووكلاه في بيعه عند محل الحق.. صح التوكيل، ولا يكون هذا تعليق وكالة على شرط، وإنما هو تعليق التصرف.

الصفحة 55