كتاب البيان في مذهب الإمام الشافعي (اسم الجزء: 9)

وقال القاضي أبو الطيب: إن الذي تزوجها مهاجر بن أبي أمية، ولم ينكر أحد ذلك، فدل على: أنه إجماع.

[فرع فضل زوجاته صلى الله عليه وسلم]
ومما خص الله به النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أن فضل الله زوجاته على سائر نساء العالمين، فقال: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب: 30] إلى قَوْله تَعَالَى: {وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} [الأحزاب: 31] [الأحزاب:30-31] . فجعل حدهن مثلي حد غيرهن، لكمالهن وفضيلتهن، كما جعل حد الحر مثلي حد العبد، فأخبر: إن حسناتهن تضاعفن تفضيلاً لحالهن. ثم قال تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} [الأحزاب: 32] الآية [الأحزاب:32] : وذلك، لموضعهن من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقربهن منه.

[فرع القسم في الزوجات]
ومما خص الله تعالى به النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أن الواحد منا إذا كان له أكثر من زوجة.. فإنه لا يجب عليه القسم ابتداء، بل له أن ينفرد عنهن، ولكن يجب عليه القسم انتهاء، وهو: أنه إذا بات عند واحدة منهن.. لزمه القضاء للباقيات.
وأما النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فكان لا يجب عليه القسم ابتداء، وهل كان يجب عليه القسم انتهاء، وهو: أنه إذا بات عند واحدة منهن.. لزمه القضاء للباقيات؟ فيه وجهان:
أحدهما: أنه كان لا يجب عليه، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} [الأحزاب: 51] [الأحزاب:51] .
والثاني: أنه كان يجب عليه ذلك، وهو المذهب، لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقسم لنسائه ويقول: «اللهم إن هذا قسمي فيما أملك، وأنت أعلم بما لا أملك» يعني: قلبه.

الصفحة 149