كتاب البيان في مذهب الإمام الشافعي (اسم الجزء: 9)

قبل البلوغ، فلما أوجب استئذان اليتيمة.. دل على: أن غير اليتيمة لا تستأذن، ومن لها أب أو جد.. فليست بيتيمة.
إذا ثبت هذا: فإن زوج الأب أو الجد البكر البالغ.. فالمستحب لهما: استئذانها، وإذنها صماتها، للخبر، ولأنها تستحيي أن تأذن بالنطق. فإن لم يستأذناها.. جاز، لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن» فقصد بذلك التفرقة بينهما، فلو قلنا: إن استئذان البكر واجب.. لما كان بينهما فرق.
وإن زوج البكر البالغ غير الأب والجد من الأولياء.. لم يصح حتى تستأذن، وهو إجماع لا خلاف فيه.. وفي إذنها وجهان:
أحدهما: لا يحصل إلا بنطقها، لأن كل من يفتقر نكاحها إلى إذنها.. افتقر إلى نطقها مع قدرتها على النطق، كالثيب.
والثاني- وهو المذهب -: أنها إذا استؤذنت، فصمتت.. كان ذلك إذنا منها في النكاح، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اليتيمة تستأمر في نفسها، فإن صمتت.. فهو إذنها» . ولأنها تستحيي أن تأذن بالنطق، بخلاف الثيب.
قال أصحابنا المتأخرون: فإن استأذنها وليها في أن يزوجها بأقل من مهر مثلها، أو بغير نقد البلد، فصمتت.. لم يكن ذلك إذنا منها في ذلك، لأن ذلك مال، فلا يكون صموتها إذنا فيه.. كما لو استأذنها في بيع مالها فصمتت، بخلاف النكاح.
وإن كانت المنكوحة ثيباً، نظرت:

الصفحة 181