كتاب البيان في مذهب الإمام الشافعي (اسم الجزء: 9)

فعلى هذا: ترث في الدرجة الثانية ثلاث جدات.
فإذا ارتفعت الجدات إلى الدرجة الثالثة.. اجتمع ثماني جدات، فترث منهن أربع ولا ترث أربع. وإنما كان كذلك، لأن الميت واحد فله في المنزلة الأولى جدتان، فإذا ارتفعن إلى الدرجة الثانية.. كان للميت أبوان، ولكل واحد منهما جدتان، فلذلك قلنا: له في الدرجة الثانية أربع جدات، فإذا ارتفعن إلى الدرجة الثالثة.. كان له جدان وجدتان، لكل واحد منهما جدتان، فيجتمع له في الدرجة الثالثة ثماني جدات. ثم في الرابعة ست عشرة جدة، وكلما ارتفع الميت درجة.. ازداد عدد الجدات ضعفاً.
وأما الوارثات منهن: فترث في الدرجة الأولى جدتان، وفي الثانية ثلاث، وفي الثالثة أربع، وفي الرابعة خمس، إلى أن ترثه مائة جدة في الدرجة التاسعة والتسعين؛ لأن عدد الجدات الوارثات يزيد عن عدد الدرجات بواحدة.
وإذا اجتمعن الجدات الوارثات وهن متحاذيات.. كان السدس بينهن، لما ذكرناه في الجدتين: أم الأم، وأم الأب. وإن اجتمع جدتان، إحداهما أبعد من الأخرى.. نظرت: فإن كانتا من جهة واحدة، بأن كان هناك أم أم، وأم أم أم.. كان السدس لأم الأم، لأن البعدى تدلي بهذه القربى، وكل من أدلى بغيره.. فإنه لا يشاركه في فرضه، كالجد مع الأب، وابن الابن مع الابن. وعلى هذا جميع الأصول.
فإن قيل: أليس الأخ للأم يدلي بالأم، ومع ذلك فإنه يرث معها؟
فالجواب: أنه لا يرث أخاه بالإدلاء إليه بالأم، ولكن لأجل أنه ركض معه في رحم واحد، لأنه وإن أدلى بها.. فقد احترزنا عنه بقولنا: (لا يشاركه في إرثه) ، وهو: أن السدس إرث للقربى لو انفردت، فلو ورثت الجدة البعدى.. لشاركتها في ذلك السدس، وليس كذلك الأخ للأم، فإنه لا يشارك أمه في إرثها، بل تأخذ حقها ويأخذ هو حقه.
وإن اجتمع أم أب، وأم أبي الأب.. فإن السدس يكون لأم الأب، وتسقط أم أبي الأب. وبه قال علي وزيد، والفقهاء أجمع.

الصفحة 45