كتاب البيان في مذهب الإمام الشافعي (اسم الجزء: 11)

ولا يرجعون بشيء مما خصها، بل إذا انقضت المدة التي استأجرت بها الدار مما خصها من مال الزوج.. انتقلت إلى حيث شاءت، وكان باقي أجرة مسكنها دينا لها في ذمة الزوج إلى أن يوسر.
وإن انقضت عدتها بأقل من عادتها، مثل: أن كانت عادتها أن عدتها تنقضي بثلاثة أشهر، وأجرة مسكن مثلها فيها بثلاثمائة، وماله ثلث ديونه، فخصها مائة، فأخذتها، ثم انقضت عدتها بشهرين، فإذا تبين أن الذي كانت تضرب به مائتان.. فترد ثلث المائة - وهو: ثلاثة وثلاثون درهما وثلث درهم - ويقسم ذلك بينها وبين الغرماء على قدر ديونهم؛ لأنه كمال ظهر للمفلس.
وإن زادت مدة عدتها على قدر عادتها، بأن لم تنقض عدتها إلا لستة أشهر.. ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنها ترجع على الغرماء، فتأخذ مما في أيديهم على قدر ما لو ضربت معهم بستمائة درهم؛ لأنه بان أن الذي يستحق الضرب به هو ذلك، فرجعت عليهم كما يرجعون عليها إذا انقضت عدتها، وكما لو ظهر للمفلس غريم آخر.
والثاني - وهو قول أبي إسحاق -: أنها لا ترجع على الغرماء بشيء؛ لأن الذي استحق الضرب به - وهو ذلك القدر مع تجويز أن يكون لها - أكثر منه، فلم يجز نقض القسمة بأمر كان موجودا حال القسمة.
والثالث: إن كانت عدتها بالأقراء.. لم تضرب معهم بالزيادة؛ لأن الزيادة لا تعلم إلا بقولها، ولا يجوز أن تستحق بقولها حقا على غيرها، وإن كانت عدتها بالحمل.. ضربت بالزيادة؛ لأن الزيادة تعلم بالبينة، فجاز لها الرجوع بالبينة.
وإن لم تكن لها عادة فيما تنقضي به عدتها.. فإنها تضرب مع الغرماء بأجرة مثل مسكنها في أقل مدة تنقضي بها العدة، فإن كانت عدتها بالأقراء.. ضربت بأجرة مثل مسكنها اثنين وثلاثين يوما ولحظتين، وإن كانت عدتها بالحمل.. ضربت بأجرة مثل مسكنها ستة أشهر؛ لأن ذلك يقين، فإن انقضت عدتها بذلك.. فلا كلام، وإن أسقطت ما تنقضي به العدة لأقل من ستة أشهر.. ردت الفضل على الغرماء، كما قلنا

الصفحة 57