كتاب البيان في مذهب الإمام الشافعي (اسم الجزء: 12)

وإن قلنا: إن الملك في الوقف ينتقل إلى الله تَعالَى.. فهل يجب القطع بسرقتها؟ فيه وجهان أيضا حكاهما الشيخ أبُو حامد:
أحدهما: لا يجب فيها القطع؛ لأنها غير مملوكة لآدمي، فلم يجب بسرقتها القطع، كالصيود.
والثاني: يجب بسرقتها القطع؛ لأنه مال ممنوع من أخذه، فوجب بسرقته القطع وإن لم يكن له مالك معين، كستارة الكعبة.
وإن وقف نخلا أو شجراً على قوم، فسرق سارق من غير أهل الوقف عليها ما يساوي نصابا.. وجب عليه القطع وجها واحداً؛ لأن ذلك ملك للموقوف عليه، فوجب بسرقته القطع، كغلة الوقف.

[مسألة: سرق الأموال العامة أو ما فيها شبهة ملك للسارق]
ولا يجب القطع بسرقة مال له فيه شبهة؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ادرؤوا الحدود بالشبهات» .
فإن سرق مسلم من مال بيت المال.. لم يقطع، لما رُوِيَ: أن رجلا سرق من بيت المال، فكتب بعض عمال عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، إليه بذلك، فقال: (خلوه، لا قطع عليه، ما من أحد إلا وله فيه حق) . ورُوِي: (أن رجلا سرق من خُمس الخمس، فرفع إلى عليّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، - فلم يقطعه ".

الصفحة 470