كتاب البيان في مذهب الإمام الشافعي (اسم الجزء: 12)

[باب حد قاطع الطريق]
الأصل في حد قاطع الطريق: قوله عز وجل: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33] [المائدة: 33] .
وهذه الآية نزلت في قطاع الطريق. وبه قال ابن عبَّاس، ومالك، وأبو حَنِيفَة وأكثر أهل العلم. وقال بعض الناس: نزلت في أهل الذمة إذ نقضوا الذمة ولحقوا بدار الحرب. وقال ابن عمر: (نزلت في المرتدين من العرنيين) .
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 34] [المائدة: 34] فأمر بقتلهم وصلبهم وقطع أيديهم وأرجلهم، وأسقط عنهم بالتوبة من قبل أن يقدر عليهم هذه الأحكام، وهذا إنما يكون في قطاع الطريق. فأما أهل الذمة والمرتدون إذا أسلموا.. حقنوا دماءهم قبل القدرة عليهم وبعد القدرة عليهم.
إذا ثبت هذا: فاختلف العلماء في ترتيب الأحكام المذكورة في هذه الآية في قطاع الطريق:
فمذهبنا: أنهم إذا أشهروا السلاح وأخافوا السبيل حتى صار الناس يفزعون من الاجتياز فيها خوفاً منهم.. فقد صاروا محاربين بذلك وإن لم يأخذوا شيئا، فيجب

الصفحة 499