كتاب البيان في مذهب الإمام الشافعي (اسم الجزء: 12)

الثالث: قَوْله تَعَالَى: {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [المائدة: 90] ، وما كان من عمل الشيطان فهو محرم.
الرابع: قَوْله تَعَالَى: {فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: 90] ، ولا يأمر باجتناب محرم.
الخامس: قَوْله تَعَالَى: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90] وضد الفلاح الفساد.
السادس: قَوْله تَعَالَى: {وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ} [المائدة: 91] وما صدَّ عن ذلك فهو محرم.
السابع: قَوْله تَعَالَى: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 91] وهذا أبلغ كلمة في الزجر عن الشيء.
ويدل على تحريمه من الكتاب قَوْله تَعَالَى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33] [الأعراف: 33] و (الإثم) : هو الخمر، قال الشاعر:
شربت الإثم حتى ضل عقلي ... كذاك الإثم يذهب بالعقول
واختلف الناس في سبب نزول تحريم الخمر:
فقيل: إن السبب أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قال: (لا ينتهى عن هذه الخمور حتى يأتي أحدنا وقد ضرب فجرح وكلم) ، فأنزل الله تَعالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} [البقرة: 219] الآية [البقرة: 219] ، فاختلف الناس فيها، فقال بعضهم: هي مباحة لذكر المنفعة فيها. وقال بعضهم: هي محرمة لذكر الإثم فيها. فقال عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: اللهم بين لنا بيانا شافيا، فأنزل الله تَعالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43] [النساء: 43] الآية. فقالوا: إنما حرم شربها في وقت الصلاة دون غيره، فقال عمر: اللهم بين لنا بيانا شافيا، فأنزل الله تَعالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ} [المائدة: 90] الآيتين إلى قَوْله تَعَالَى: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 91] [المائدة: 90-91] فقال عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: انتهينا يا ربنا) . وقيل: إن سبب نزول تحريم الخمر: «أن رجلا من

الصفحة 515