كتاب البيان في مذهب الإمام الشافعي (اسم الجزء: 13)

والفرق بينه وبين حضور الولائم: أن الحضور في الولائم لحق أصحابها، فإذا حضر عند بعضهم دون بعض.. كان في ذلك ميل. والحضور في هذه الأشياء لطلب الثواب، فجاز أن يحضر بعضها دون بعض.

[مسألة تولي القاضي البيع ونحوه]
مسألة: [كراهة تولي القاضي البيع ونحوه] : ويكره للقاضي أن يتولى البيع والشراء بنفسه؛ لما روي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «ما عدل وال اتجر في رعيته» ، وروي عن شريح أنه قال: (شرط علي عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حين ولاني القضاء أن لا أبتاع، ولا أبيع، ولا أرتشي، ولا أقضي وأنا غضبان) . ولأنه إذا تولى ذلك بنفسه.. حاباه من عامله، والمحاباة بمنزلة الهدية، وقبول الهدية محرم عليه. ولأنه إذا اشتغل بالبيع والشراء.. شوش خاطره.
وإن احتاج إلى البيع والشراء.. اتخذ وكيلا مجهولا، لا يعرف أنه وكيله؛ لئلا يحابى. فإن عرف أنه وكيله.. استبدل به غيره.
فإن باع واشترى بنفسه.. صح؛ لأن المحاباة أمر مظنون، فلا يبطل البيع بأمر مظنون.
قال الشافعي: (وأكره للإمام النظر في أمر ضيعته ونفقة منزله وعياله، بل يوكل وكيلا؛ لأنه إذا تولى ذلك بنفسه.. اشتغل به وشوش خاطره) .

الصفحة 36