كتاب المصطلحات الحديثية بين الاتفاق والافتراق
أحد شرطي المُسند من الرفع أو الوصل فمُختلف في صحته، والله أعلم. (¬1)
أما من جاء بعد ابن الصلاح فلم يذكروا هذا القيد في حدّ الصحيح، بل هناك من اتّبع الشافعي في تصريحه بأن الحديث متى ما استوفى شروط الصحة فهو صحيح سواء رُفع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أو إلى من دونه، كابن كثير حيث قال: "فحاصل حد الصحيح: أنه المتصل
سنده بنقل العدل الضابط عن مثله، حتى ينتهي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو إلى منتهاه، من صحابي أو من دونه، ... " (¬2)
وقد ضمّت كثير من مصادر كتب السنة الأحاديث والآثار الموقوفة والمقطوعة (¬3)، مثل موطأ مالك، ومصنف عبدالرزاق (¬4) وابن أبي شيبة (¬5)، بل نجد أن ابن حجر ألّف كتاباً
¬_________
(¬1) وفي مسألة الاحتجاج بالأحاديث الموقوفة والمقطوعة، وما شابهها قال الخطيب في كتابه الكفاية في علم الرواية - فيما يخص الأحاديث المُسندة-: "فأما الأحاديث المسندات إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فهي أصل الشريعة ومنها تستفاد الأحكام وما اتصل منها سنده وثبتت عدالة رجاله فلا خلاف بين العلماء أن قبوله واجب والعمل به لازم والراد له آثم".
وقال في الموقوفات على الصحابة: "جعلها كثير من الفقهاء بمنزلة المرفوعات إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في لزوم العمل بها، وتقديمها على القياس وإلحاقها بالسنن ... وأما الأحاديث المرسلات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فهي أيضا عند خلق من العلماء بمنزلة المسندات المتصلة في تقبلها والعمل بمتضمنها، ومن لم يرها كذلك من نقاد الآثار وحفاظ الأخبار، فإنه يكتبها للاعتبار بها ولن يجعلها علة لغيرها ... وأما المقاطيع: فهي الموقوفات على التابعين فيلزم كتبها والنظر فيها؛ لتتخير من أقوالهم ولا تشذ عن مذاهبهم". ينظر: الخطيب البغدادي، الكفاية، 2/ 189 - 191. وكلامه رحمه الله يدل على وجود الخلاف بين العلماء في الاحتجاج بغير المُسند من الحديث.
(¬2) ابن كثير، الاختصار، 28.
(¬3) ذكر السيوطي في كتابه تدريب الراوي تحت نوع المقطوع فائدة فقال: "جمع أبو حفص ابن بدر الموصلي كتابا سماه: " معرفة الوقوف على الموقوف " أورد فيه ما أورده أصحاب الموضوعات في مؤلفاتهم فيها، وهو صحيح عن غير النبي - صلى الله عليه وسلم - إما عن صحابي أو تابعي فمن بعده. وقال إن إيراده في الموضوعات غلط، فبين الموضوع والموقوف فرق.
ومن مظان الموقوف والمقطوع مصنف ابن أبي شيبة، وعبد الرزاق، وتفاسير: ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن المنذر، وغيرهم." السيوطي، التدريب، 1/ 101.
(¬4) عبدالرزاق بن همام بن نافع الحميري، أبو بكر الصنعاني. من حفاظ الحديث الثقات. من مصنفاته: (الجامع الكبير) و (المصنَّف). مات سنة 220 هـ. ينظر: الذهبي, السير, 8/ 222، الصفدي, الوافي بالوفيات, 18/ 244 (6968)، الزركلي, الأعلام, 3/ 353.
(¬5) عبدالله بن محمّد بن أبي شيبة العبسيّ الكوفيّ، أبو بكر. حافظ للحديث, وله مصنفات منها: (المسند) و (المصنف في الأحاديث والآثار) و (الإيمان). مات سنة 235 هـ. ينظر: السيوطي, طبقات الحفاظ, 192. الزركلي, الأعلام, 4/ 117.
الصفحة 102
626