كتاب المصطلحات الحديثية بين الاتفاق والافتراق
بالصدق، وهناك من يوصف بمطلق الشهرة دون تقييد لنوع هذه الشهرة حيث "يطلق بعض النقاد على الراوي وصف (مشهور) (¬1)، وهي مفردة دالة بأصل استعمالها على دفع جهالة العين، لكنها لا تفيد التعديل الذي يثبت معه حديث الراوي، وإنما تنفع في تقوية أمره بقدرٍ ما، إذا سَلِم الراوي من قادح" (¬2).
فوصف الراوي بأنه (مشهور): تقتضي عدم جهالة عينه، ولعل هذا الوصف هو مراد ابن حجر من قوله "مطلق الشهرة".
و"ينبغي أن يُفرَّق بينها وبين كلمة أخرى هي: مشهور الحديث، فشهرة الحديث غير شهرة الرجل، فقد يكون حديثه مشهورا بين الرواة - أو الناس -من غير طريقه، أما هو فمجهول، ولا يضره أن يكون حديثه غير مشهور إذا كان هو مشهوراً بين علماء الحديث" (¬3).
ويُفهم من ذلك أن وصف الشهرة مُجرّداً ينفي عن الراوي جهالة العين، فإن قُيّد هذا الوصف بالعدالة أو الصدق أو الطلب أفاد عدالة الراوي - بدرجات مختلفة حسب مرتبة
¬_________
(¬1) أي بمفردها مجرّدة عن التعديل أو التجريح.
(¬2) الجديع، التحرير، 1/ 250. يُنظر أيضاً: الحمش، الإمام الترمذي ومنهجه في كتابه الجامع دراسة نقدية تطبيقية 2/ 765. من أمثلة ذلك: من كتاب بيان الوهم والإيهام للقطان:
فقد نقل ابن القطان قول ابن معين في أحد الرواة فقال: "حرب بن عبيد الله بن عمير، سئل عنه ابن معين، فقال: مشهور." ثم عقّب على ذلك بقوله: "وهذا غير كاف في تثبيت روايته، فكم من مشهور لا تقبل روايته".3/ 494.
- وقال عن أخر: "عبدالرحمن بن أبي شميلة وهو أيضا لا تعرف حاله.
وإن كان قال فيه ابن معين وأبو حاتم: مشهور، فإنما يعنيان برواية حماد ابن زيد عنه، وكم من مشهور لا تقبل روايته." 3/ 605 - 606. المرجع: ابن القطان، بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام.
(¬3) قاله محمد عوامة في دراساته على الكاشف، ثم استدل على ذلك بما ذكره الحافظ ابن حجر في ترجمة حفص بن حسان حيث قال: أن النسائي قال فيه: (مشهور الحديث)، وهي عبارة لا تشعر بشهرة حال هذا الرجل، لا سيما ولم يرو عنه إلا جعفر بن سليمان، ففيه جهالة ". ثم عقّب الدكتور محمد عوامة بقوله: "فأفادنا هذا القول التفرقة بين هاتين الكلمتين، وأن (مشهور) فقط تدل على رفع جهالة عين الرجل. والله أعلم".
وجاء أيضاً في التقريب قول ابن حجر: "عمرو ابن حَريش الزُبيدي، له حديث مشهور، وهو مجهول الحال". ينظر: المراجع: ابن حجر، تهذيب التهذيب، 1/ 450، ابن حجر، التقريب، 420 (5010). محمد عوامة، دراسات الكاشف للإمام الذهبي، 1/ 75.
الصفحة 117
626