كتاب المصطلحات الحديثية بين الاتفاق والافتراق
عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اثنان فصاعدا وما نقله عن كل واحد من الصحابة أربعة من التابعين فأكثر." (¬1)
وكذلك تعجّب السيوطي مما ذهب إليه الميانشي، فقال: "وما أدري من أين له ذلك؟ ! ، وقد كنت أقول: لعله سرى إليه من فهمه كلام الحاكم على غير وجهه، حتى رأيت كتابه، فرأيته ساق أولا كلام الحاكم معزوّا إليه وجعله شرط مطلق الصحيح، ثم قال: فأما الذي شرط الشيخان وذكر ما تقدّم بنصه." (¬2)
وبالنظر فيما ذكره الميانشي من شرط الشيخين، نرى أنه زاد على تعريف الحاكم، وأضاف - ما لم يذكره في تعريفه- من تعدد طبقة الصحابة والتصريح بكونهم اثنان فصاعداً، وضاعف العدد فيمن بعدهم، وقد تعقّبه ابن حجر - فيما ذكره- بقوله: "فهذا الذي قاله مستغنٍ بحكايته عن الرد عليه، فإنهما لم يشترطا ذلك ولا واحد منهما. وكم في الصحيحين من حديث لم يروه إلا صحابي واحد، وكم فيهما من حديث لم يروه إلا تابعي واحد. وقد صرح مسلم في صحيحه ببعض ذلك" (¬3).
القسم الثاني: من فهم اشتراط العدد، واعترض عليه وخطّأه كالحازمي (ت 584 هـ).
فقد قال الحازمي في كتابه "شروط الأئمة الخمسة": "وذكرت أن بعض الناس يزعم أن شرط الشيخين أن لا يخرجا إلا حديثاً سمعاه من شيخين عدلين، وكل واحد منهما رواه أيضاً عن عدلين كذلك إلى أن يتصل الحديث على هذا القانون برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ولم يخرجا
¬_________
(¬1) الزركشي، النكت، 1/ 266.
(¬2) السيوطي، البحر، 1/ 696 - 697.
(¬3) ذكر سبب تعقبّه لكلام الميانشي فقال: "وإنما حكيت كلام الميانجي (أو الميانشي كلاهما ورد في كتب التراجم) هنا لأتعقبه لئلا يغتر به". ابن حجر، النكت، 241.
الصفحة 124
626