كتاب المصطلحات الحديثية بين الاتفاق والافتراق

حديثاً لم يُعرف إلا من جهة واحدة أو لم يروه إلا راوٍ واحد وإن كان ثقة ... وهذا قول قد قيل ودعوى قد تقدمت حتى ذكره بعض أئمة الحديث في مدخل الكتابين".
ثم نقل أقسام الحديث الصحيح التي ذكرها الحاكم في المدخل إلى الإكليل، وعلّق بقوله: "ولم يُصب فيها". (¬1)
وذكر تحت الباب الذي عنونه بقوله: - في إبطال قول من زعم أن شرط البخاري إخراج الحديث عن عدلين وهلم جرا إلى أن يتصل الخبر بالنبي - صلى الله عليه وسلم - عددًا من الأمثلة على الأحاديث الأفراد المخرّجة في الصحيحين أو أحدهما، ثم قال: "ومن أمعن النظر في هذه الأمثلة المذكورة بان له فساد وضع الأقسام التي ذكرها الحاكم". (¬2)
قال ابن حجر مُعقِّبا وشارحاً: "قد فهم الحافظ أبو بكر الحازمي من كلام الحاكم أنه ادعى أن الشيخين لا يخرجان الحديث إذا انفرد به أحد الرواة، فنقض عليه بغرائب الصحيحين.
والظاهر أن الحاكم لم يرد ذلك، وإنما أراد كل راو في الكتابين من الصحابة فمن بعدهم، يشترط أن يكون له راويان في الجملة، لا أنه يشترط أن يتفقا في رواية ذلك الحديث بعينه عنه" (¬3).
¬_________
(¬1) ينظر: الحازمي، شروط الأئمة الخمسة، 33 - 38 باختصار.
(¬2) ينظر: المرجع السابق، 43 - 49.
(¬3) أشار إلى ما قد يكون سبباً في فهم كلام الحاكم على أنه يشترط العدد في رواة الصحيح فقال: "إن قوله -أي الحاكم- في آخر الكلام: "ثم يتداوله أهل الحديث كالشهادة على الشهادة". إن أراد به تشبيه الرواية بالشهادة من كل وجه فيقوى اعتراض الحازمي، وإن أراد به تشبيهها بها في الاتصال والمشافهة، فقد ينتقض عليه بالإجازة، والحاكم قائل بصحتها. وأظنه إنما أراد بهذا التشبيه أصل الاتصال والإجازة عند المحدثين لها حكم الاتصال - والله أعلم- ولا شك أن الاعتراض عليه بما في علوم الحديث أشد من الاعتراض عليه بما في المدخل؛ لأنه جعل في المدخل هذا شرطا لأحاديث الصحيحين. وفي العلوم جعله شرطا للصحيح في الجملة."ابن حجر، النكت، 1/ 240. ينظر: السيوطي، التدريب، 1/ 135.

الصفحة 125