كتاب المصطلحات الحديثية بين الاتفاق والافتراق

"فالحازمي ظن أن الحاكم يذهب إلى أن شرط الشيخين هو إخراج الحديث المروي عن عدلين إلى نهاية السند، ... والحقيقة أنه لم يرد ذلك، ويبعد من الحاكم أن يذهب ذلك المذهب، ولو أراد ما فهمه المعترضون لقال: الحديث الذي يرويه صحابيان ... إلخ" (¬1)
فلم يأت في كلام الحاكم التصريح بأن يكون الحديث من رواية اثنين من الصحابة، بل نجده قد ذكر في كتابه المعرفة - ضمن أنواع علوم الحديث- تحت النوع الرابع والعشرين معرفة الغريب من الحديث فنوع منه غرائب الصحيح، ومثّل له من الصحيحين، ووصفها بالأحاديث الصحيحة الغريبة. (¬2)
وهذا يدلل على أنه لم يُرِد اشتراط العدد في الحديث الصحيح.

- أما أصحاب المذهب الثاني: وهم من فهم كلام الحاكم على أنه اشتراط لشهرة رواة الصحيح في كل طبقات السند بما في ذلك طبقة الصحابة (أي: شهرة تخرج الراوي عن حد الجهالة برواية راويين عنه على الأقل)، وهم على أقسام:
¬_________
(¬1) عتر، الإمام الترمذي والموازنة بين جامعه وبين الصحيحين، 60 - 61 باختصار.
(¬2) ينظر: الحاكم، علوم الحديث، 94. من الأمثلة التي ذكرها:
فقد أخرج الحاكم حديث جابر بن عبد الله قال: ((كنا يوم الخندق نحفر الخندق فعرضت فيهرواه البخاري في الجامع الصحيح- كتاب المغازي، باب غزة الخندق 5/ 108 ح (4101) - عن خلاد بن يحيى المكي , عن عبدالواحد بن أيمن، فهذا حديث صحيح وقد تفرد به عبدالواحد بن أيمن , عن أبيه , وهو من غرائب الصحيح". المرجع السابق، 94.
- وأخرج حديث عبدالله بن عمرو قال: لما حاصر النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل الطائف فلم ينل منهم شيئا، فقال: ((إنا قافلون إن شاء الله غدا ... )) رواه مسلم في المسند الصحيح -كتاب الجهاد والسير، باب غزوة الطائف 3/ 1402 ح (1778) - عن أبي بكر بن أبي شيبة، وغيره، عن سفيان، وهو غريب صحيح، فإني لا أعلم أحدا حدث به عن عبدالله بن عمرو غير أبي العباس السائب بن فروخ الشاعر، ولا عنه غير عمرو بن دينار، ولا عنه غير سفيان بن عيينة فهو غريب صحيح." المرجع السابق، 95.

الصفحة 126