كتاب المصطلحات الحديثية بين الاتفاق والافتراق

حيث أوضحوا أنها قاعدة غير مطّردة، وذكروا ما ينقض ذلك مما يخالف القاعدة التي ذكرها الحاكم، فقال ابن طاهر المقدسي في كتابه "شروط الأئمة الستة" - في نقد كلام الحاكم فيما قدَّرهُ شرطاً للبخاري ومسلم-:
"الجواب أن البخاري ومسلمًا لم يشترطا هذا الشرط، ولا نُقِل عن واحد منهما أنه قال ذلك، والحاكم قدر هذا التقدير وشرط لهما هذا الشرط على ما ظن. ولعمري إنه شرط حسن لو كان موجودًا في كتابيهما، إلا أنا وجدنا هذه القاعدة التي أسسها الحاكم منتقضة
في الكتابين جميعًا ... " (¬1)، ثم ذكر أمثلة من الصحيحين لعدد من الصحابة لم يرو عنهم إلا راوٍ واحد (¬2)، وأتبع ذلك بقوله: "هذا في أشياء كثيرة اقتصرنا منها على هذا القدر لتعلم أن القاعدة التي أسسها منتقضة لا أصل لها .. " (¬3)
ويحوي رد ابن طاهر -على الحاكم- جانبين:
الأول: أن ما ذكره الحاكم من شرط البخاري ومسلم لم ينصّا عليه في كتابيهما.
والثاني: أن ما ذكره من شرط مُنتَقَض بما يخالفه من صنيعهما في كتابيهما، فالإمامين البخاري ومسلم لم يلتزما ما اشترطه الحاكم في كتابيهما.
وقد أشار ابن طاهر بأن سبيل معرفة شرط كل إمام من أئمة الحديث - كالبخاري ومسلم- في كتابه إن لم يصرّح به؛ إنما يكون بسبر كتبهم، ثم ذكر ما توصّل إليه من شرطهما
¬_________
(¬1) ابن طاهر المقدسي، شروط الأئمة، 22.
(¬2) ذكر الذهبي أن مجموع الرواة من الصحابة الذين أخرج لهم البخاري، ولم يرو عنهم سوى واحد هم عشر رواة، هم: "مرداس الأسلمي؛ عنه قيس بن أبي حازم، حزن المخزومي؛ تفرد عنه ابنه أبو سعيد المسيب بن حزن، زاهر بن الأسود؛ عنه ابنه مجزأة، عبدالله بن هشام بن زهرة القرشي؛ عنه حفيده زهرة بن معبد، عمرو بن تغلب؛ عنه الحسن البصري، عبدالله بن ثعلبة بن صعير؛ روى عنه الزهري قوله، سنين أبو جميلة السلمي؛ عنه الزهري، أبو سعيد بن المعلى؛ تفرد عنه حفص بن عاصم، سويد ابن النعمان الأنصاري شجري؛ تفرد بالحديث عنه بشير بن يسار، خولة بنت ثامر؛ عنها النعمان بن أبي عياش، فجملتهم عشرة". الذهبي، السير، 12/ 470.
(¬3) ابن طاهر المقدسي، المرجع السابق، 23.

الصفحة 130