كتاب المصطلحات الحديثية بين الاتفاق والافتراق
ويوجد في متفرقات من كلام بعض مشايخه، والطبقة التي قبله كأحمد بن حنبل، والبخاري، وغيرهما" (¬1)
¬_________
(¬1) ابن الصلاح، علوم الحديث، 35 - 36، ولقد أشار السخاوي في -فتح المغيث- إلى بعض معاني الحسن عند من سبق الترمذي، من ذلك إطلاقه على الحديث الغريب، أو المنكر، فكأنهم أرادوا بذلك المعنى اللغوي، وكذلك أطلقوه على الصحيح، والحسن لذاته ولغيره، فقال: "قد وجد إطلاقه على المنكر، قال ابن عدي في ترجمة سلام بن سليمان المدائني: حديثه منكر، وعامته حسان، إلا أنه لا يتابع عليه.
وقيل لشعبة: لأي شيء لا تروي عن عبدالملك بن أبي سليمان العرزمي، وهو حسن الحديث؟ فقال: من حسنه فررت. وكأنهما أرادا المعنى اللغوي، وهو حسن المتن.
وربما أُطلق على الغريب، قال إبراهيم النخعي: كانوا إذا اجتمعوا كرهوا أن يخرج الرجل حسان حديثه، فقد قال ابن السمعاني: إنه عنى الغرائب.
ووُجِد للشافعي إطلاقه في المتفق على صحته، ولابن المديني في الحسن لذاته، وللبخاري في الحسن لغيره، ونحوه - فيما يظهر - قول أبي حاتم الرازي: فلان مجهول، والحديث الذي رواه حسن ...
وبالجملة فالترمذي هو الذي أكثر من التعبير بالحسن، ونوه بذكره; كما قاله ابن الصلاح، ... " السخاوي، فتح المغيث، 1/ 95 - 96.
ولقد كان للدكتور خالد الدريس جهد مشكور في رسالته (الحديث الحسن لذاته ولغيره) حيث استقرأ كتب السنة، خاصة كتب أئمة الحديث الذين ورد التحسين ضمن أحكامهم على الحديث أو الإسناد أو الراوي، وقام بدراسة أسانيدها وبيان درجتها، ومن أولئك الأئمة -ممن جاء قبل الترمذي-:
- الشافعي (ت 204 هـ): أورد له الباحث ثمانية أحاديث، كانت نتيجة دراستها: أن ستة منها عنى بها الصحيح، وواحد عنى به الحسن لذاته -كما عند المتأخرين- وواحد أطلق الحسن عليه لغرابته. ينظر: الدريس، الحديث الحسن، 1/ 80 - 95.
- علي بن المديني (ت 234 هـ): أورد له ثلاثة وعشرين نصاً منها تسعة عشر نصاّ تم وصف الحديث فيها بالحسن، وأربعة في وصف بعض الرواة بحسن الحديث، وقد قسّم الأحاديث التسعة عشر إلى ثلاثة أقسام: أحاديث حسّنها وهي صحيحة وعددها سبعة، ومثلها أحاديث حسّنها وفي إسنادها من ليس بمشهور، وخمسة أحاديث أطلق عليها الحسن مقيداً.
وقد رجّح الباحث أن مراد الإمام ابن المديني من إطلاقه الحسن: هي الصحة بدرجاتها المتفاوتة، وأتبعه بمبررات ذلك. ينظر: الدريس، المرجع السابق، 1/ 96 - 176.
- أحمد بن حنبل (ت 241 هـ): وقف الباحث على سبعة وستين نصاً، منها ثمانية وعشرون في الحكم على الأحاديث، وتسعة وثلاثون في الحكم على الرواة، واستنتج الباحث بعد أن سرد النصوص وحلّلها: أن إطلاق الإمام أحمد وصف الحسن كان متنوعاً، ومتعدداً بين الصحيح، والضعيف المنجبر، والأقل ضعفاً.
فاستعمل الحسن بمعنى قوة الحديث في أربعة عشر نصاً، منها: تسعة على الصحيح ومافي حكمه، وواحد على الحديث الضعيف المنجبر، وأربعة بمعنى الأقل ضعفاً، أي: أحسن الضعيف، أو أفضل ما ورد مع ضعفه.
واستعمل الحسن بمعنى الإعجاب بالحديث - لميزة فيه بغض النظر عن مدى قوته- في أربعة عشر نصاً: ستة منها إطلاقه الحسن على متن الحديث، وثمانية على الحديث الغريب الذي لا يُعرف من قبل.
أما استعماله الحسن في حكمه على الرواة، فقد جاء في تسعة وثلاثين نصاً، منها: خمسة عشر بمعنى الاتقان وجودة الضبط، وواحد وعشرون بمعنى القبول العام، وثلاثة بمعنى سعة الرواية. ينظر: المرجع السابق، 1/ 177 - 394.
- البخاري (ت 256 هـ): جمع الباحث ما يقارب ثمانية وثلاثين نصاً من تحسينات الإمام البخاري، وذكر أن من تعرّض لتحسينات البخاري من العلماء قديماً وحديثاً لم يتفقوا على تفسير معنى الحسن عنده، واختلفوا في ذلك على ثلاثة آراء:
- ... ابن سيد الناس في النفح الشذي: "لعله عند قائليه من المتقدمين يجري مجرى الصحيح". ابن سيد الناس، النفح الشذي في شرح جامع الترمذي، 1/ 196. =
الصفحة 144
626