كتاب المصطلحات الحديثية بين الاتفاق والافتراق

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
¬_________
= - ... ابن حجر في النكت: أن البخاري استعمل الحسن بمعناه الاصطلاحي عند المتأخرين بقسميه الحسن لذاته ولغيره. ينظر: ابن حجر، النكت، 1/ 426 - 429.
- ... وكذا السخاوي في فتح المغيث: صرّح بوجود الحسن لغيره في تحسينات البخاري. ينظر: السخاوي، فتح المغيث، 1/ 82.
ورأى الباحث أن كثيراً من الأحاديث التي حسّنها البخاري أمثل وأقوى من تلك التي صححها، حيث قال: "والمتأمل أيضاً يعلم أن الحسن لا يمكن أن يكون أقل مرتبة من الصحيح عند البخاري؛ لأنه قد حسّن أحاديث هي صحيحة عنده بلا شك. ويعلم مما تقدّم أن مفهوم الصحيح عند البخاري أوسع وأشمل مما استقر عليه الاصطلاح في تعريف الحديث الصحيح؛ لأنه يُدخل فيه حتى أحاديث المتكلم فيهم التي عُلِم أنها محفوظة" ينظر: الدريس، المرجع السابق، 2/ 696.
- يعقوب بن شيبة (ت 262 هـ): أورد الباحث له تسعة نصوص في تحسين الأحاديث، واثنان في تحسين سياق رواية أحد الرواة، وقد استنتج الباحث من دراسته لهذه النصوص، وما وجده من شواهد أن الإمام يعقوب بن شيبة يُطلق الحسن، ويريد به الحديث الصحيح الثابت. ينظر: الدريس، المرجع السابق، 2/ 699 - 724.
- أبو زرعة الرازي (ت 264 هـ): أورد الباحث أربعة عشر نصاً منها: ستة نصوص في تحسين الحديث، وقد جاءت على معنين: حسن لقوته، وحسن لغرابته، وثمانية في تحسين أحاديث بعض الرواة، وجاءت على ثلاثة معاني: فحديثه حسن لما فيه من فوائد، أو حسن لاستقامة حديثه، أو حسّن-بالتشديد- أي زينه وجمّله. ينظر: الدريس، المرجع السابق، 2/ 725 - 759.
- أبو حاتم الرازي (277 هـ): أورد الباحث له ستة وثلاثين نصاً في التحسينات منها: تسعة عشر تحسيناً للحديث، وسبعة عشر في كلامه على الرواة.
واستنتج أن لأبي حاتم منهجاً متميّزاً عن غيره في إطلاق التحسينات، فمما أطلق عليه الحسن: الحديث الغريب الذي انفرد بروايته من لا يخلو من بعض ضعف محتمل، ويكون ذلك الحديث سالماً من المخالفة الموجبة للخطأ والنكارة.
وأبو حاتم يُفرق بين الصحيح والحسن، ويأبى أن يحكم بصحة بعض الأحاديث، ويختار لفظاً أقل منزلة وأدنى وهو الحسن، ومن شروطه في الحسن كون الحديث محفوظاً.
وإطلاقه الحسن على الرواة يريد بذلك: أن بعض حديثهم قوي، والبعض الآخر ضعيف، وقد قرن حسن الحديث بصالح الحديث، ومحله الصدق، ولا بأس به، وليس بقوي ولا ثبت، وقال عن بعضهم: هو حسن الحديث ليس بمنكر الحديث؛ ليفيد أن الحسن لا يكون منكراً.
وقرنه أيضاً بقوله: لا يُحتجّ به: ولا يعني عدم الاحتجاج مطلقاً، وإنما لا يكون حديثه حجة على الدوام، ولا يُحتجّ به إلا بعد التمييز، وقد أطلق هذه العبارة في حق عدد من الرواة احتج بهم الشيخان في صحيحهما. ينظر: الدريس، المرجع السابق، 2/ 760 - 839.
ومن أهم النتائج التي توصّل إليها الباحث، وسجّلها ضمن نتائج بحثه:
"- أن (الحسن) اُستعمِل وأُطلق على الحديث الصحيح عند الشافعي وابن المديني وأحمد بن حنبل والبخاري ويعقوب بن شيبة وغيرهم.
- ظهر له من دراسته لمصطلح (الحسن) عند الأئمة النقاد قبل الترمذي تنوّع استعمالاتهم له، وأنهم من حيث العموم استعملوه بغرض عام، ولم يكن لديهم تعريف محدد دقيق له، كما أنهم كانوا يعنون به القبول العام، فهو أشبه ما يكون بمصطلح (صالح) عند أبي داود؛ إذ صرّح أنه ينطوي تحته الصحيح وما يشبهه وما يقاربه وما ليس فيه ضعف شديد. ينظر: الدريس، المرجع السابق، 5/ 2487 - 2488. وقد نقل البقاعي عن شيخه ابن حجر قوله: "فإن المتقدمين الذين أطلقوا وصف الحسن على ما هو صحيح كالشافعي وغيره، لم يكن تقرر عندهم الاصطلاح على أن الحسن قاصر عن الصحيح، ولو تقرر لما خالفوه." البقاعي، المرجع السابق 1/ 302.

الصفحة 145