كتاب المصطلحات الحديثية بين الاتفاق والافتراق
تعريف الترمذي (ت 279 هـ):
قال الترمذي رحمه الله في آخر كتابه الجامع: "كلُّ حديث يُرْوى لا يكون في إسناده من يُتَّهم بالكذب، ولا يكون الحديث شاذًا، ويُرْوى من غير وجه نحو ذلك، فهو عندنا حديث حسن." (¬1)
تعريف الخطابي (ت 388 هـ):
عرّفه الخطابي رحمه الله - وذلك بعد أن ذكر أقسام الحديث وعرّف بالصحيح منها ثم أتبعه بتعريف الحسن- فقال: "والحسن منه ما عُرِف مخرجه (¬2)
¬_________
(¬1) وذلك بعد قوله: "وما ذكرنا في هذا الكتاب حديث حسن، فإنما أردنا حسن إسناده عندنا". الترمذي، الجامع الكبير، 6/ 251.
وقد عدّ بعض العلماء قوله "عندنا" أنه اصطلاح خاص بالترمذي في كتابه، حيث قال ابن سيد الناس في كتابه النفح الشذي: " فهذا كما ترى - إخبار عن مصطلحه في هذا الكتاب، فلو قال في كتاب غير هذا عن حديث بأنه حسن، وقال قائل: ليس لنا أن نفسر الحسن هناك بما هو مفسر به هنا إلا بعد البيان، لكان له ذلك". وقد حرر محقق النفح الشذي هذه المسألة، وملخّصها: أن العراقي في كتابه (التقييد والإيضاح) استشكل ما اعتبره ابن سيد الناس اصطلاحاً خاصاً بالترمذي في كتابه، وذلك في مقابلة من عدّه اصطلاحاً عاماً لأهل الحديث كابن الصلاح ومن وافقه، وقد نقل السخاوي في كتابه (فتح المغيث) جواب العراقي باعتبار ذلك اصطلاحاً عاماً لأهل الحديث كما يظهر له، وتعقّبه السخاوي بأن ذلك يبعد بقول الترمذي "وما ذكرنا" "فإنما أردنا به" فالنون؛ لإظهار نعمة التلبس بالعلم المتأكد تعظيم أهله، مع الأمن من الإعجاب ونحوه.
وقد أجاب المحقق على تعقيب السخاوي بأن كلام الترمذي عبارة عن فقرتين:
الفقرة الأولى قوله: "وما ذكرنا في هذا الكتاب: حديث حسن فإنما أردنا حُسن إسناده" وهذه الفقرة يُحمل فيها الضمير "نا" على الترمذي وحده، على الاعتبار الذي ذكره السخاوي وهو إظهار نعمة التلبس بالعلم، ومقصود الترمذي بهذه الفقرة التنبيه على أن مقصوده بالحَسَن في جامعه عمومًا حُسْن الاسناد.
وأما الفقرة الثانية فهي قوله: "عندنا كل حديث يروى ... الخ."، وهذه جملة مستأنفة لبيان تعريف النوع المُشكِل -في نظره- مِنْ حُسن الإسناد عند أهل الحديث كما ذكر العراقي، أو عند الترمذي ومن يرى رأيه كما قال ابن حجر".
المراجع: ينظر: ابن سيد الناس، النفح الشذي 1/ 205 - 207، العراقي، التقييد والإيضاح 45، السخاوي، فتح المغيث، 1/ 90، الدريس، الحديث الحسن، 3/ 1048 - 1049.
(¬2) المعروف مخرجا أي: لم يفقد سنده الاتصال ظاهرا - كالانقطاع، والإرسال، ونحوهما- ولا خفيا، كالتدليس.
وقيل: مخرجه من حيث كونه شاميا عراقيا مكيا كوفيا. كأن يكون الحديث من رواية راو قد اشتهر برواية حديث أهل بلده، كقتادة ونحوه في البصريين، فإن حديث البصريين إذا جاء عن قتادة ونحوه، كان مخرجه معروفا بخلافه عن غيرهم، وذلك كناية عن الاتصال; إذ المرسل والمنقطع والمعضل - لعدم بروز رجالها - لا يعلم مخرج الحديث منها.
فالمَخْرَج: موضع خروج الحديث، وهو رواة الإسناد الذين خرج الحديث من طريقهم. المراجع: ينظر: العراقي، التقييد، 44، البقاعي، النكت، 1/ 221، السخاوي، فتح المغيث، 1/ 86، الخيرآبادي، معجم المصطلحات، 135.
الصفحة 148
626