كتاب المصطلحات الحديثية بين الاتفاق والافتراق
تعريف ابن الجوزي (¬1) (ت 597 هـ):
عرّف ابن الجوزي رحمه الله الحسن - في مقدمة كتابه الموضوعات (¬2) في معرِض بيانه لأنواع الحديث- بقوله: "ما فيه ضعف قريب محتمل". (¬3)
تعريف ابن القطان الفاسي (¬4) (ت 628 هـ):
قال رحمه الله في كتابه بيان الوهم والإيهام (¬5):
¬_________
(¬1) أبو الفرج العلامة الحافظ المفسِّر، المعروف بابن الجوزي، هو: جمال الدين عبدالرحمن بن علي ابن محمد بن علي، يرجع في نسبه إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وله التصانيف الكثيرة في أنواع العلوم من التفسير والحديث والفقه والوعظ والطب، ومن مصنفاته الحديثية: (مُشكل الصحاح) و (الموضوعات) و (الضعفاء). يُنظر: ابن خلكان، الوفيات، 3/ 140، الذهبي، السّير، 21/ 365.
(¬2) كتاب الموضوعات الكبرى لابن الجوزي، ومادته: الموضوعات من الأحاديث المرفوعة، وقد اُعترض على المؤلف رحمه الله في إدراجه لأحاديث ليست بموضوعة بل ضعيفة أو يرتقي بعضها للحُسن أو الصحة. يُنظر: حاجي خليفة، كشف الظنون، 2/ 1906، الكتاني، المستطرفة، 149 - 150.
(¬3) ثم قال: "وهذا هو الحسن، ويصلح البناء عليه والعمل به، وقد كان أحمد بن حنبل يقدم الحديث الضعيف على القياس" ثم أردفه بشديد الضعف فقال: "القسم الخامس: الشديد الضعف الكثير التزلزل، فهذا تتفاوت مراتبه عند العلماء فبعضهم يدنيه من الحسان ويزعم أنه ليس بقوي التزلزل، وبعضهم يرى شدة تزلزله فيلحقه بالموضوعات."ابن الجوزي، كتاب الموضوعات، 1/ 35.
ومن الانتقادات التي وُجّهت لتعريفه كون هذا الضعف المحتمل غير مضبوط بضابط، فهو مجهول، وليس على طريقة صناعة الحدود والتعاريف. المراجع: يُنظر: ابن دقيق العيد، الاقتراح، 8، ابن جماعة، المنهل، 36، ابن الملقن، المقنع، 1/ 85، السخاوي، فتح المغيث، 1/ 90.
أما البقاعي فقد ردّ على هذا الانتقاد بقوله: "وأما ابن الجوزي فالظاهر أنه لم يرد الحد، وإنما أراد الوصف بصفة تقرب الحسن من التمييز." ثم عاد ووجّه كونه حداً بإمكانية انضباطه، فقال: "ويقال: بل هو مضبوط؛ إن كان عرف الصحيح والضعيف بالحيثية، وهي: أن ضعفه بالنسبة إلى الصحيح، واحتماله بالنسبة إلى الضعيف، أي: فيكون متوسطا بينهما، لا يعلو إلى رتبة الصحيح؛ لما فيه من الضعف، ولا ينحط إلى رتبة الضعيف؛ لما فيه من قلة الضعف، ويؤيد ذلك أنه قال عقب ما نقل عنه: (ويصلح للعمل به) فوصفه بوصف هو بين بين؛ فإن الصحيح يوصف بأنه يجب العمل به، والضعيف أعلى ما يقال فيه: يعمل به في الفضائل، لا مطلقا، والله أعلم." ينظر: البقاعي، النكت، 1/ 219 - 220، 1/ 230 - 231.
(¬4) أبو الحسن علي بن محمد بن عبدالملك الفاسي، المعروف: بابن القطان. من أبصر الناس بصناعة الحديث، وأحفظهم لأسماء رجاله، وأشدهم عناية بالرواية، من أشهر مؤلفاته: كتاب الوهم والإيهام. يُنظر: الذهبي، السير، 22/ 306، السيوطي، طبقات الحفاظ، 498. (1096).
(¬5) بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام، هو كتاب وضعه ابن القطان على كتاب الأحكام لأبي محمد عبدالحق بن عبدالرحمن بن عبدالله الأزدي الأشبيلي المعروف: بابن الخراط، متتبعاً فيه ما وقع فيه من أوهام، ولابن الخراط الأحكام الكبرى والوسطى والصغرى، وقد رجّح محقق كتاب بيان الوهم د. الحسين آيت سعيد بأنها الوسطى. يُنظر: الكتاني، المستطرفة، 178. الحسين آيت سعيد، "علاقة بيان الوهم والإيهام بالأحكام الوسطى" من دراسته لكتاب ابن القطان الفاسي، بيان الوهم والإيهام، 1/ 205 - 213.
الصفحة 150
626