كتاب المصطلحات الحديثية بين الاتفاق والافتراق

القيد الأول: قيد الشهرة للراوي بالصدق والأمانة (¬1):
سبق في قيد الشهرة بالطلب في فصل الحديث الصحيح بيان معنى الشهرة في اللغة، وأنها تأتي بمعنى الوضوح والبيان والانتشار والذيوع. (¬2)
وفي الاصطلاح فإن شهرة الراوي يراد بها: خروجه عن حد الجهالة، (¬3) سواء باشتهار شخصه فيخرج عن جهالة العين، أو باشتهار حاله فيخرج عن جهالة الحال.
والشهرة درجات، وأعلى درجاتها شهرة الراوي بالعدالة والإمامة والحفظ (¬4) شهرة تغنيه عن تزكية المعدّلين، فقد عقد الخطيب باباً في كتابه الكفاية في أن المحدث المشهور
بالعدالة والثقة والأمانة لا يحتاج إلى تزكية المعدل، ومثّل لهم بعدد من الأئمة والحفاظ كالإمام مالك، وأحمد بن حنبل، وغيرهم، فهؤلاء كما قال: "لا يُسأَل عن عدالتهم، وإنما يُسأَل عن عدالة من كان في عداد المجهولين، أو أشكل أمره على الطالبين". (¬5)
¬_________
(¬1) ملاحظة: سبق في الفصل الأول تحرير قيد الشهرة بالطلب، وبيان المراد به.
(¬2) ينظر: الرازي، المختار، 170، ابن منظور، اللسان، 4/ 432. الفيروزآبادي، القاموس، 421. مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط، 1/ 498.
(¬3) وقد سبق في تحرير قيد الشهرة بالطلب في فصل الحديث الصحيح، بيان أن إطلاق وصف الشهرة على الراوي دون تقييد بالعدالة ونحوها إنما يُراد به دفع جهالة العين دون جهالة الحال.
(¬4) ومن أمثلة هؤلاء الرواة المشهورين بالإمامة والحفظ:
1 - أبو زرعة الرازي. ينظر: الذهبي، الكاشف، 1/ 683 (3568)، ابن حجر، التقريب، 373 (4316).
2 - القاسم بن سلاّم الذهبي، الكاشف، 2/ 128 (4511)، ابن حجر، التقريب، 450 (5462)
3 - يحيى بن معين. ينظر: الذهبي، الكاشف، 2/ 376 (6250)، ابن حجر، التقريب، 597 (7651).
(¬5) الخطيب البغدادي، الكفاية، 87.

الصفحة 161