كتاب المصطلحات الحديثية بين الاتفاق والافتراق

ثم يأتي بعد ذلك الشهرة بطلب الحديث والعناية به وإتقانه (¬1)، والتي تدل على تمام ضبط الراوي لمروياته، وقد سبق معنا- في تحرير قيد الشهرة بالطلب- حث الخطيب البغدادي طلاب العلم أن يتخيّروا من الشيوخ من اشتهر بطلب الحديث والعناية به، والمشار إليه بالإتقان والمعرفة (¬2). بل إن هذه الشهرة ذكرها ابن حجر من ضمن شروط استحقاق الراوي لقب الحافظ، بحيث يكون مشهوراً بطلب الحديث والأخذ من أفواه الرجال لا من الصحف. (¬3)
ثم هناك شهرة أدنى مرتبة منهما وهي: الشهرة بالصدق دون بلوغ الغاية في الضبط والإتقان، (¬4) فهذه هي درجة الشهرة المطلوبة في راوي الحديث الحسن، قال الطيّبي -مبيّناً مراد الخطابي بقوله -في الحسن-: (واشتهر رجاله) -: " وأما قول الخطابي، فالمراد به، أن رجاله مشهورون عند أرباب هذه الصناعة بالصدق، وبنقل الحديث ومعرفة أنواعه،
¬_________
(¬1) هي شهرة زائدة عن مطلق الشهرة عموماً، وكذلك عن مُطلق الشهرة بحمل العلم والعناية به دون تقيدها بالضبط والإتقان، وهو مذهب ابن عبدالبر، وفيه اتساع، وقد سبق بيان ذلك في مبحث شهرة الراوي بالطلب.
(¬2) ينظر: الخطيب البغدادي، الجامع لأخلاق الراوي، 1/ 126.
(¬3) ينظر: ابن حجر، النكت، 1/ 268. ومن أمثلة هؤلاء الرواة المشهورين بالحفظ والإتقان:
1 - عامر بن شراحيل الشعبي ابن حجر، التقريب، 287 (3092).
2 - عباس بن الفضل الهروي المرجع السابق، 294 (3184).
3 - عبيدالله بن مقسم المدني. المرجع السابق، 374 (4344).
(¬4) ومن أمثلة هؤلاء الرواة المشهورين بالصدق والأمانة:
1 - عبدالملك بن حبيب الأندلسي ابن حجر، المرجع السابق، 362 (4174).
2 - معروف بن مُشكان المكي المرجع السابق، 540 (6795).
3 - يحيى بن أكثم التميمي. المرجع السابق، 588 (7507).
4 - عبدالله بن الحكم القطواني. الذهبي، الكاشف، 1/ 546 (2690).

الصفحة 162