كتاب المصطلحات الحديثية بين الاتفاق والافتراق

نسب هذا التعريف لعرف المحدثين (¬1)، ولعله استقى ذلك من وصف الإمام مسلم لطبقة من الرواة وصفهم بالستر- وذلك في مقدمة صحيحه- فقال:
"فإذا نحن تقصينا أخبار هذا الصنف من الناس (¬2)، أتبعناها أخباراً يقع في أسانيدها بعض من ليس بالموصوف بالحفظ والإتقان، كالصنف المقدم قبلهم، على أنهم وإن كانوا فيما وصفنا دونهم، فإن اسم الستر، والصدق، وتعاطي العلم يشملهم كعطاء ابن السائب (¬3)، ويزيد بن أبي زياد (¬4)، وليث بن أبي سُليم (¬5)، وأضرابهم من حُمَّال الآثار، ونُقَّال الأخبار، فهم وإن كانوا بما وصفنا من
العلم، والستر عند أهل العلم معروفين،
¬_________
(¬1) اعترض الصنعاني على هذا التعريف واستشكله، فقال: "فعلى كلامه لا بد أن تكون عدالته أمراً بين الأمرين، وهذا غير كلام ابن الصلاح ومن تبعه ومن تقدمه في تفسير المستور، وتقدم أن الحافظ ابن حجر قال: "إن المستور من روى عنه أكثر من واحد ولم يوثق". فلا أدري من أين جاء هذا التفسير الذي أتى به المصنف للمستور، وزعم أنه اصطلاح المحدثين؟ ! ثم هذه الرتبة التي ذكرها رتبة مجهولة.
فهذا كلامه في عدالة المستور - أي من حيث العدالة، - وأما من حيث حفظه، فقال "أو من قصر عن الحفاظ في مرتبة الإتقان والضبط العظيم" يريد: أن المستور إما مستور العدالة: فهو الذي فسره قريباً، أو مستور الحفظ: وهو الذي لا يبلغ رتبة الإتقان والضبط، وهو الذي خف ضبطه المذكور في تعريف الحسن لذاته.
قلت: ولا خفاء أن هذا خلط لشرائط الحسن لذاته والحسن لغيره" الصنعاني، توضيح الأفكار، 1/ 490 - 491.
(¬2) يعني بهم أهل الحفظ والإتقان، وقد سبق ذكر وصفهم في فصل الحديث الصحيح ضمن تعريف الإمام مسلم له.
(¬3) عطاء بن السائب مات سنة 136 هـ. ينظر: الذهبي، الكاشف، 2/ 22 (3798)، ابن حجر، اللسان، 9/ 371 (1875)، ابن حجر، التقريب، 391 (4592).
(¬4) يزيد بن أبى زياد القرشي الهاشمي، مولاهم، أبو عبد الله الكوفي، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم في المتابعات، قال الذهبي في السيّر: "كان من أوعية العلم، وليس هو بالمتقن؛ فلذا لم يحتج به الشيخان" وقال: "شيعيٌّ عالم فَهِمٌ صدوق ردئ الحفظ لم يترك" قال ابن حجر: "ضعيف كبر فتغير وصار يتلقّن وكان شيعيا." مات سنة 136، وقيل: 137 هـ. ينظر: الذهبي، السير، 6/ 129، الذهبي، الكاشف، 2/ 382 (6305)، ابن حجر، التقريب، 601 (7717).
(¬5) الليث بن أبي سُليم ابن زُنيم الأموي، مولاهم، اسم أبيه أيمن وقيل: أنس وقيل: غير ذلك، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم في المتابعات. قال الذهبي في السيّر: "محدث الكوفة، وأحد علمائها الأعيان، على لين في حديثه؛ لنقص حفظه"، وقال: "فيه ضعف يسير من سوء حفظه ... وبعضهم احتج به". قال ابن حجر: "صدوق اختلط جدا ولم يتميز حديثه فتُرك". اُختلف في سنة وفاته فقيل: 138، وقيل: 142، وقيل: 143، وقيل: 148 هـ. ينظر: الذهبي، السير، 6/ 179، الذهبي، الكاشف، 2/ 151 (4686)، ابن حجر، التقريب، 464 (5685).

الصفحة 175