كتاب المصطلحات الحديثية بين الاتفاق والافتراق
استعمالاً لغوياً، أي بمعنى: "لم يظهر منه ما يُعاب عليه، ولم يريدوا المعنى الاصطلاحي الذي وُصف بنوع من أنواع الجهالة ... وفي تاريخ بغداد أمثلة كثيرة جداً يوصف فيها الثقة بالمستور (¬1).
فكل ذلك استعمال للكلمة استعمالاً لُغوياً لا اصطلاحياً، ومن ذلك أيضاً: قول مسلم في مقدمة صحيحه أن عطاء بن السائب، ويزيد بن أبي زياد، وليث بن أبي سُليم، وأضرابهم من الموصوفين بعدم الحفظ: إن اسم الستر والصدق وتعاطي العلم يشملهم" (¬2)
وبالنظر إلى ما سبق من معاني تعددت للموصوفين بالستر نجد وصف المستور يتّسع ليشمل طبقات من مراتب الرواة تبدأ بأدناها وهو مجهول الحال - وهو الذي عُرفت عينه وجُهلت عدالته (¬3) - وهذا في حال إرادة المعنى الاصطلاحي من الستر، وإذا أُريد المعنى اللغوي فيراد به الرجل الفاضل الثقة، والذي لم يظهر منه ما يُعاب، وإذا جُمع مع الستر أوصاف تدل على الصدق والإتقان، فيراد به الدرجة المتوسطة من الرواة في الحفظ والإتقان، والله أعلم.
وإطلاق لفظ الستر على الراوي - دون تقييد بأوصاف أخرى- يتداخل إلى حد كبير مع ما ذكرنا سابقاً من وصف الشهرة مُطلقاً - دون تقيد بالعدالة أو الطلب أو الصدق- فمطلق الستر، ومطلق الشهرة أفادا رفع جهالة العين عن الراوي ولم يفيدا تعديله؛ إلا أن أحدهما
¬_________
(¬1) من أمثلة ذلك في تاريخ بغداد ما جاء في: ترجمة محمد بن أحمد بن روح الحريري، قيل فيه: "مستور ثقة"، وفي ترجمة: حامد بن سعدان بن يزيد الفارسي "مستور صالح ثقة" ينظر: الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، 2/ 162 (121)، 9/ 37 (4232).
(¬2) يُنظر: الدريس، الحديث الحسن، 3/ 1075 - 1076 باختصار.
(¬3) سبق معنا الإشارة إلى أن هذا المعنى يُطلق على وصف (مشهور) بغير أن يقيّد بنوع الشهرة، إنما هو مطلق الشهرة، وهذا يتداخل مع معنى المستور.
الصفحة 178
626