كتاب المصطلحات الحديثية بين الاتفاق والافتراق

وهو المستور روى عنه اثنان فأكثر- لكن لم يبلغ الرواة عنه عدداً يشهرون به أمره (¬1) بينما "المشهور بحال من الأحوال لا بد من أن يكون روى عنه تلك الحال من بلغوا الكثرة التي تُصيّره في عداد المشهورين فلا يكون حينئذ مجهول العين" (¬2).
ومما يدلل على أثر قلة حديث الراوي، أو قلة من يرون عنه في شهرته ومعرفته، قول ابن حبان في ترجمة (عبدالله بن المؤمل المخزومي) (¬3): "كان قليل الحديث، منكر الرواية، لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد؛ لأنه لم يتبين عندنا عدالته فيقبل ما انفرد به؛ وذاك أنه قليل الحديث، لم يتهيأ اعتبار حديثه بحديث غيره لقلته فيحكم له بالعدالة أو الجرح، ولا يتهيأ إطلاق العدالة على من ليس نعرفه بها يقيناً فيقبل ما انفرد به، فعسى نحل الحرام ونحرم الحلال برواية من ليس بعدل، أو نقول على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لم يقل اعتماداً منا على رواية من ليس بعدل عندنا، كما لا يتهيأ إطلاق الجرح على من ليس يستحقه بإحدى الأسباب التي ذكرناها من أنواع الجرح في أول الكتاب" (¬4).
¬_________
(¬1) يؤيد ذلك ما جاء عن الخطيب البغدادي في وصفه للمجهول حيث قال: "المجهول عند أصحاب الحديث: هو كل من لم يشتهر بطلب العلم في نفسه, ولا عرفه العلماء به, ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد" الخطيب البغدادي، الكفاية، 88.
فكلّما قلّ عدد الرواة عن الراوي، كلما اقترب من الجهالة خاصة إذا لم يُعرف بجرح ولا تعديل.
(¬2) "ثم نقول: إن كان في حاله التي اشتهر بها ما يتضمن العدالة فقد زالت عنه جهالة الحال أيضا، وانطبق عليه قوله فيما تقدم: "وصححوا استغناء ذي الشهرة عن تزكية" وإلا فهو مجهول الحال، وسيأتي ... ما يؤيد هذا من أن الشهرة تزيل الجهالة". البقاعي، النكت الوفية، 1/ 626.
(¬3) عبدالله بن المؤمل بن وهب الله المخزومي، قال ابن حجر: "ضعيف الحديث"، وقال الذهبي: "قال أبو داود: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: ليس بقوى" مات سنة 160 هـ. ينظر: الذهبي، الكاشف، 1/ 601 (3009)، ابن حجر، التقريب، 325 (3648).
(¬4) ابن حبان، المجروحين، 2/ 28.

الصفحة 179