كتاب المصطلحات الحديثية بين الاتفاق والافتراق

متابعته ما دفع شبهة الضعيف عن الطريق الأول، فلا مانع من القول بأنه يصير حسناً". (¬1)
فالحديث الضعيف الصالح للاعتبار إذا توبع بما دونه لا يتقوّى، وإذا توبع بمثله يتقوى ويرتقي للحسن لغيره، وعند ابن سيد الناس - يتقوى قوة لا تخرجه عن وصف الضعف، بل يَشترط لوصفه بالحُسن أن يكون المتابِع أقوى منه.
أما البلقيني فكان رأيه معاكساً لرأي ابن سيد الناس، حيث أشار إلى أنه: "لا يقال: ينجبر بأن يُروى من وجه صحيح؛ لأن الكلامَ فيما إذا رُوِي بطرقٍ كلُّ منها مثلُ الأخرى في ذلك الضعف." (¬2) ومفهوم كلامه أن الضعيف ينجبر بما يماثله في الضعف، أما إن ورد من طريق صحيح، فلا يُقال أنه انجبر به؛ لأن الاعتماد حينئذ على الصحيح. (¬3)
وعليه فإن الضعيف الصالح للاعتبار: - إذا توبع بأقوى منه ارتقى إلى الحسن لغيره عند ابن سيد الناس وابن حجر، ومن وافقهم في ذلك، بينما رأى البلقيني أن الاعتماد في هذه الحالة يكون على الحديث القوي، ولا يُقال أن الضعيف انجبر به.
- أما إذا تُوبع بمثله فإنه ينجبر ويرتقي إلى الحسن لغيره، بينما عند ابن سيد الناس فإنه يتقوى قوة لا تخرجه عن حيّز الضعف.
- وإذا توبع الضعيف الصالح للاعتبار بما هو أدنى منه، فإنه لا يتقوى بذلك ولا ينجبر على ما سبق من كلام نقاد الحديث، .
¬_________
(¬1) الزركشي، النكت، 1/ 322، قال الزركشي معقِّبا: "قلت: وهو تفصيل حسن، ولا يخفى أن هذا كله فيما إذا كان الحديث في الأحكام، فإن كان من الفضائل فالمتابعة فيه تقوم على كل تقدير لأنه عند انفراده مفيد".
(¬2) البلقيني، محاسن الاصطلاح، 106.
(¬3) ينظر: الدريس، الحديث الحسن، 3/ 1181. وقد ذكر المؤلف رأيه في ذلك فقال: "وفي نظري أن (الحسن لغيره) ينبغي أن يُقتصر استعماله على الضعيف المعتضد بمثله فقط".

الصفحة 198