كتاب المصطلحات الحديثية بين الاتفاق والافتراق

تعريف مسلم (ت 261 هـ):
وصف الإمام مسلم الأحاديث -التي أودعها في صحيحه- بقوله في مقدمة كتابه الصحيح: "الأخبار التي هي أسلم من العيوب من غيرها وأنقى من أن يكون ناقلوها أهل استقامة في الحديث، وإتقان لما نقلوا، لم يوجد في روايتهم اختلاف شديد ولا تخليط فاحش، كما قد عثر فيه على كثير من المحدثين، وبان ذلك في حديثهم". (¬1)
تعريف ابن خزيمة (¬2) (ت 311 هـ):
قال رحمه الله في بداية كتاب الوضوء من كتابه الصحيح: "مختصر المختصر، من المسند الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنقل العدل عن العدل، موصولاً إليه - صلى الله عليه وسلم - من غير قطع في أثناء الإسناد، ولا جرح في ناقلي الأخبار، التي نذكرها بمشيئة الله تعالى". (¬3)
¬_________
= من شيوخ البخاري حيث قال ابن حجر في فتح الباري: "جزم كل من ترجمه- أي البخاري- بأن الحميدي من شيوخه في الفقه والحديث"، وقد افتتح كتابه الصحيح بالرواية عنه، حيث ذكر ابن حجر من ضمن تعليله لسبب ذلك: "لكونه أفقه قرشي أخذ عنه"، فلا عجب إذن من اهتمام الحميدي -رحمه الله- بذكر شروط الحديث الصحيح، ونجد محقق كتابه المسند الأستاذ حسين سليم أسد يذكر من ضمن الأسباب التي دفعته لتحقيق الكتاب: "نظافة هذا المسند الذي بلغت أحاديثه (1330) حديثاً، منها (582) حديثاً اتفق عليه الشيخان، وانفرد البخاري بـ (96) حديثاً منها، بينما انفرد مسلم بـ (152) حديثاً، وإذا علمنا أن هناك عدداً من الآثار ينبغي تحييدها، ثم حسبنا النسبة المئوية لما فيه من الضعيف لوجدناها أقل من 7% وهذه النسبة لا تكون إلا في الكتب التي بلغت غاية في النظافة".ا. هـ. المراجع: ابن حجر، فتح الباري، 1/ 10، 1/ 15، حسين سليم أسد، "آثار الحميدي، من تحقيقه ودراسته لكتاب أبي بكر عبدالله بن الزبير الحميدي، مسند الحميدي، 1/ 58، أحمد فارس السلوم، "الحاكم أول من صنف في جمع علوم الحديث" من تحقيقه لكتاب أبي عبدالله الحاكم، معرفة علوم الحديث، 11.
(¬1) مسلم، صحيح مسلم، 1/ 5، ولم ينصّ رحمه الله على تعريف الصحيح بل ذكر طريقة انتقائه للمرويات، ومواصفات الراوي والمروي، ولكونه جرّد كتابه للأحاديث الصحيحة؛ فيُعدّ ذلك تضميناً لشروط الصحيح عنده، قال ابن الصلاح في كتابه صيانة صحيح مسلم: "شرط مسلم في صحيحه أن يكون الحديث متصل الإسناد بنقل الثقة عن الثقة من أوله إلى منتهاه سالما من الشذوذ ومن العلة وهذا هو حد الحديث الصحيح في نفس الأمر"، ولابن حجر تعقيب على ما ذكره ابن الصلاح بخصوص اشتراط مسلم نفي الشذوذ، نقل هذا التعقيب السيوطي في تدريب الراوي، وسيأتي بيان ذلك عند تحرير التعريفات بإذن الله. المراجع: ابن الصلاح، صيانة صحيح مسلم، 72، يُنظر: السيوطي، التدريب، 1/ 30.
(¬2) محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي، أبو بكر، كان فقيها مجتهدا، عالما بالحديث. وله مصنفات عديدة تزيد على 140 من أشهرها كتابه الصحيح. ينظر: الذهبي, السير, 11/ 225. الزركلي, الأعلام, 6/ 29.
(¬3) ابن خزيمة، الصحيح، 1/ 45، أيضاً نجده رحمه الله لم ينص على تعريف للصحيح، بل وصف لنا بشكل عام صفات مروياته في كتابه.

الصفحة 50