النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا
حتى تروني)) (¬1). فوهم فيه جرير بن حازم فظن أن ثابتا حدثه عن أنس بهذا, والصحيح هو عن ثابت, عن أنس: ((كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أقيمت الصلاة يتكلم مع الرجل حتى نعس بعض القوم)) (¬2).
ومن أمثلة المقلوب في المتن على سبيل الوهم:
قول ابن حجر (¬3): "ووقع لجرير هذا - أيضا - عن ثابت عن أنس - رضي الله عنه - حديث انقلب عليه متنه وهو ما ذكره الترمذي من طريقه عن ثابت عن أنس - رضي الله عنه - قال: ((كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُكلَّم بالحاجة إذا نزل عن المنبر)) (¬4)، عقّب الترمذي بعد إخراجه للحديث بقوله:
"هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث جرير بن حازم.
سمعت محمداً يقول: وهم جرير بن حازم في هذا الحديث، والصحيح ما روي عن ثابت، عن أنس، قال: أقيمت الصلاة فأخذ رجل بيد النبي - صلى الله عليه وسلم - فما زال يكلمه حتى نعس بعض القوم، والحديث هو هذا.
¬_________
(¬1) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأذان، باب: متى يقوم الناس، إذا رأوا الإمام عند الإقامة، 1/ 129 ح (637)، ومسلم في صحيحه، كتاب المساجد، باب متى يقوم الناس للصلاة، 1/ 422 ح (604)، كلاهما من حديث أبي قتادة.
(¬2) أخرجه أحمد في مسنده، 20/ 86 ح (12642)، وابن حبان في صحيحه، باب القنوت، ذكر الإباحة للمرء أن يتحدث قبل العشاء الآخرة بما يجدي عليه نفعه في العقبى، وأن تؤخر الصلاة من أجله، 5/ 380 ح (2035)، كلاهما من حديث أنس بنحوه.
(¬3) ابن حجر، النكت، 2/ 872.
وذكر مثالاً آخر، فقال: "- ومن أمثلته في المتن ما رواه الحاكم من طريق محمد بن محمد بن حيّان، عن أبي الوليد عن مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: ((ما عاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعاما قط ... )) انقلب على ابن حيّان، وإنما روى أبو الوليد بهذا الإسناد حديث: ((ما ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده)). المرجع السابق، 2/ 877.
والحديث أخرجه الحاكم في معرفة علوم الحديث تحت النوع التاسع عشر: معرفة الصحيح والسقيم، وعقّب بقوله: "ولقد جهدت جهدي أن أقف على الواهم فيه من هو فلم أقف عليه، اللهم إلا أن أكبر الظن على ابن حيان البصري على أنه صدوق مقبول". الحاكم، علوم الحديث، 59.
(¬4) أخرجه الترمذي في سننه من حديث أنس كتاب الجمعة، باب ما جاء في الكلام بعد نزول الإمام من المنبر، 1/ 650 ح (517).