السبب الثالث: أن يقع ذلك بقصد اختبار ضبط الراوي، وحفظه.
قال الحافظ ابن حجر: "كان شعبة يفعله كثيراً لقصد اختبار حفظ الراوي، فإن أطاعه على القلب عرف أنه غير حافظ وإن خالفه عرف أنه ضابط." (¬1)
- ومثال ما وقع من القلب للامتحان:
ما فعله أصحاب الحديث مع البخاري، وقد أشار ابن الصلاح إلى هذه القصة باختصار (¬2)، وأوردها ابن حجر كاملة في النكت عليه، وذكر أيضاً ممن امتحنه تلاميذه الحافظ الجليل أبو جعفر محمد بن عمرو العقيلي. (¬3)
وقد ذكر ابن حجر - في نكته على ابن الصلاح- أمثلة على وقوع القلب في المتن دون الإسناد، وكذلك على وقوعه فيهما معاً، (¬4) منها:
ما وقع فيه قلب في المتن دون الإسناد، ومثاله: ما جاء في الصحيح من حديث هريرة - رضي الله عنه - في السبعة الذين يظلهم الله في عرشه .. فذكر منهم: ((ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله)).
ومن أمثلته كذلك - وذكره البلقيني في محاسن الاصطلاح (¬5) - ما رواه ابن خزيمة من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
¬_________
(¬1) المرجع السابق 2/ 866.
(¬2) ينظر: ابن الصلاح، علوم الحديث، 101.
(¬3) ينظر: ابن حجر، النكت، 2/ 867 - 870.
(¬4) ينظر: المرجع السابق، 2/ 878 - 882.
وذكر من أمثلة ما قُلب متنه دون إسناده: - ما رواه أبو داود في السنن -كتاب الصلاة، باب التامين وراء الإمام من حديث أبي عثمان عن بلال - رضي الله عنه - أنه قال: ((يا رسول الله لا تسبقني بآمين)). 1/ 246 ح (937) -، فإن الحاكم رواه في مستدركه -كتاب الصلاة، باب التأمين- من هذا الوجه بلفظ: ((إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تسبقني بآمين)) -1/ 340 ح (797) - والمحفوظ الأول.
(¬5) البلقيني، المحاسن، 285 - 286.