((إن ابن أم مكتوم (¬1) يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال (¬2)؛ فإن بلالاً لا يؤذن حتى يرى الفجر)) (¬3).
ونقل ابن حجر عن شيخه البلقيني قوله:
"هذا مقلوب والصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها: ((أن بلالا - رضي الله عنه - يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم، وكان رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت)) (¬4).
وما تأوله ابن خزيمة (¬5) من أنه يجوز أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل الأذان نوبا بين بلال
وابن أم مكتوم رضي الله عنهما بعيد، وأبعد منه جزم ابن حبان (¬6) بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك." (¬7)
¬_________
(¬1) عمرو بن زائدة ويقال: ابن قيس بن زائدة أو زياد، القرشي العامري المعروف بابن أم مكتوم المؤذن الأعمى، ويقال اسمه عبدالله، صحابي جليل، أسلم قديماً بمكة، ومن المهاجرين الأولين، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستخلفه على المدينة في أكثر غزواته، مات في آخر خلافة عمر. ينظر: ابن عبدالبر، الاستيعاب، 380 (1299)، ابن الأثير، أُسد الغابة، 3/ 364 (3136)، ابن حجر، الإصابة، 7/ 330 (5790).
(¬2) بلال بن رباح الحبشي، يكنى: أبا عبدالله، وقيل: أبا عبدالكريم، صحابي جليل، مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومولى أبي بكر الصديق، شهد بداراً والمشاهد كلها، مات سنة: 17 أو 18 هـ وقيل 20 هـ بـ الشام. ينظر: ابن عبدالبر، الاستيعاب، 81 (167)، ابن الأثير، أُسد الغابة، 1/ 415 (493)، ابن حجر، الإصابة، 1/ 605 (740).
(¬3) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه كتاب الصلاة، باب ذكر خبر روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى بعض أهل الجهل أنه يضاد هذا الخبر الذي ذكرنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن بلالا يؤذن بليل)). 1/ 211 ح (406).
(¬4) أخرجه البخاري في صحيحه من حديث عائشة، وابن عمر كتاب الأذان، باب الأذان قبل الفجر، 1/ 127 ح (622)، ومسلم في صحيحه كتاب الصيام، باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، 2/ 768 ح (1092).
(¬5) ينظر: تعقيب ابن خزيمة في صحيحه 1/ 212 ح (408).
(¬6) قال ابن حبان: "هذان خبران قد يوهمان من لم يحكم صناعة العلم أنهما متضادان وليس كذلك، لأن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كان جعل الليل بين بلال، وبين ابن أم مكتوم نوبا، فكان بلال يؤذن بالليل ليالي معلومة لينبه النائم ويرجع القائم، لا لصلاة الفجر، ويؤذن ابن أم مكتوم في تلك الليالي بعد انفجار الصبح لصلاة الغداة، فإذا جاءت نوبة ابن أم مكتوم كان يؤذن بالليل ليالي معلومة كما وصفنا قبل، ويؤذن بلال في تلك الليالي بعد انفجار الصبح لصلاة الغداة، من غير أن يكون بين الخبرين تضاد أو تهاتر" ابن حبان، الصحيح، 8/ 252 - 253 ح (3474).
(¬7) ابن حجر، النكت، 2/ 879