2 - ما يتنزّل منزلة الإقرار بالوضع، أو بمعنى إقراره (¬1):
قال ابن حجر في النكت (¬2): "والأَولى أن يُمثِّل لذلك بما رواه البيهقي في المدخل بسنده الصحيح أنهم اختلفوا بحضور أحمد بن عبدالله الجويباري (¬3) في سماع الحسن من أبي هريرة - رضي الله عنه -، فروى لهم حديثا بسنده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((سمع الحسن من أبي هريرة - رضي الله عنه -)) (¬4).
¬_________
(¬1) قال العراقي في التقييد: كأن يحدث بحديث عن شيخ، ويسأل عن مولده، فيذكر تاريخا يعلم وفاة ذلك الشيخ قبله، ولا يعرف ذلك الحديث إلا عنده، فهذا لم يعترف بوضعه، ولكن اعترافه بوقت مولده يتنزل منزلة إقراره بالوضع; لأن ذلك الحديث لا يعرف إلا عن ذلك الشيخ، ولا يعرف إلا برواية هذا الذي حدث به." العراقي، التقييد، 132.
وتعقبّ ذلك ابن حجر في النكت فقال: "ثم إن شيخنا - رضي الله عنه - مثل لقول ابن الصلاح: "أو ما يتنزل منزلة إقراره" بما إذا حدث محدث عن شيخ، ثم ذكر أن مولده في تأريخ يعلم تأخره، عن وفاة ذلك الشيخ ولم يتعقبه بما تعقبه به الأول والاحتمال يجري فيه كما يجري في الأول سواء، فيجوز أن يكذب في تاريخ مولده بل يجوز أن يغلط في التأريخ ويكون في نفس الأمر صادقا". ابن حجر، النكت، 2/ 842.
(¬2) ابن حجر، المرجع السابق.
(¬3) أحمد بن عبدالله بن خالد، أبو علي الجويباري، ويقال الجوباري. قال ابن عدي: كان يضع الحديث لابن كرام على ما يريده، فكان ابن كرام يخرجها في كتبه عنه، وقال ابن حبان: "دجال من الدجاجلة كذاب يروى عن ابن عيينة ووكيع وأبي ضمرة وغيرهم من ثقات أصحاب الحديث ويضع عليهم ما لم يحدثوا". ينظر: ابن حبان، المجروحين، 1/ 142، الذهبي، الميزان، 1/ 106 (421)، ابن حجر، اللسان، 1/ 193 (611).
(¬4) روى البيهقي الحديث نقلاً عن شيخه الحاكم، ينظر: الذهبي، الميزان، 1/ 108.
نحو هذا المثال، ما ذكره السخاوي، فقال: "أن عبد العزيز بن الحارث التميمي جد رزق الله بن عبدالوهاب الحنبلي سئل عن فتح مكة، فقال: عنوة، فطولب بالحجة، فقال: ثنا ابن الصواف، ثنا عبدالله ابن أحمد، ثنا أبي، ثنا عبدالرزاق عن معمر، عن الزهري عن أنس، ((أن الصحابة اختلفوا في فتح مكة; أكان صلحا أو عنوة؟ فسألوا عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: كان عنوة))، هذا مع أنه اعترف أنه صنعه في الحال، ليندفع به الخصم".السخاوي، فتح المغيث، 1/ 108، ينظر: الذهبي، الميزان، 2/ 624 - 625 (5092).