كتاب المصطلحات الحديثية بين الاتفاق والافتراق

ونقل ابن حجر الاتفاق على ذلك، فقال في النزهة (¬1): "واتفقوا على تحريم رواية الموضوع إلا مقروناً ببيانه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من حدث عني بحديث يُرى أنه كذب، فهو أحد الكاذبين (¬2))) (¬3) "، و"كفى بهذه الجملة وعيداً شديداً في حق من روى الحديث فيَظن أنه كذب، فضلا عن أن يتحقق ذلك ولا يُبينه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - جعل المُحدِّث بذلك مشاركاً لكاذبه في وضعه." (¬4)
قال السيوطي: "أطبق على ذلك علماء الحديث فجزموا بأنه لا تَحِلُّ رواية الموضوع في أي معنىً كان؛ إلا مقروناً ببيان وضعه" (¬5)، أي: "نقلاً متصلاً ببيان كونه موضوعا." (¬6)
- وذكر السخاوي المراد ببيان الوضع بقوله: "كأن يقول: هذا كذب أو باطل، أو نحوهما من الصريح في ذلك، وفي الاقتصار على التعريف بكونه موضوعا نظر، فرب من لا يعرف موضوعه ... " (¬7)، وذكر حكاية عن بعض العجم أنه أنكر على العراقي قوله في حديث سُئل عنه: إنه كذب، محتجاً بأنه في كتاب من كتب الحديث، ثم جاء به من
¬_________
(¬1) ابن حجر، النزهة، 112.
(¬2) "يُرى - مضبوطة بضم الياء - بمعنى يظن. وفي "الكاذبين" روايتان:
إحداهما: بفتح الباء على إرادة التثنية. والأخرى: بكسرها على صيغة الجمع." ابن حجر، النكت، 2/ 839، ينظر: السخاوي، فتح المغيث، 1/ 311.
(¬3) أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه، 1/ 8، والترمذي في سننه كتاب العلم، باب ما جاء فيمن روى حديثا وهو يرى أنه كذب، 4/ 333 ح (2662)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(¬4) ابن حجر، المرجع السابق.
(¬5) السيوطي، تحذير الخواص من أكاذيب القُصَّاص، 73 - 74.
(¬6) القاري، شرح النخبة، 453.
(¬7) السخاوي، فتح المغيث، 1/ 311 - 312.

الصفحة 572