أن يحتج به مطلقاً، ولا يجوز له أن يرويه، أو يرغب به في شيء، إلا أن يبين أنه موضوع." (¬1)
وأردف البقاعي ما ذكره شيخه ابن حجر بتوجيهٍ آخر، فقال: "ويمكن أن يُوجَّه بأن يكون لفظ الموضوع حسناً، ومعناه صحيحاً، فيحتج به على شيء ويبين أنه موضوع، إعلاماً بإن المراد ليس الاحتجاج بنسبة هذا اللفظ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل نسبة المعنى بعد ذكر ما يعضده من الشريعة، والله أعلم." (¬2)
ولعل ما ذكره البقاعي من توجيه قريب مما ذكره شيخه ابن حجر - في كتابه الإصابة في تمييز الصحابة- وذلك بعد أن ساق حديثاً فيه قصة عجيبة، ضمن ترجمة لهيب ابن مالك (¬3)، نقل فيها قول ابن عبدالبر: "إسناد هذا الحديث ضعيف، ولو كان فيه حكم لم أذكره، لأن رواته مجهولون، وعمارة بن زيد (¬4) متهم بوضع الحديث، ولكنه في معنى حسن من أعلام النبوة، والأصول في مثله لا تدفعه، بل تصححه وتشهد له" (¬5).
فعقّب ابن حجر بقوله: "يستفاد من هذا أنه تجوز رواية الحديث الموضوع، إذا كان بهذين الشرطين:
¬_________
(¬1) البقاعي، النكت، 1/ 548.
(¬2) المرجع السابق.
(¬3) قيل: اسمه لُهيب بالتصغير- بن مالك اللهبي، وقيل: لهب، روى خبراً عجيباً في الكهانة، وأعلام النبوة. ينظر: ابن عبدالبر، الاستيعاب، 641 - 642 (2240)، ابن حجر، الإصابة، 9/ 399 (7597).
(¬4) عمارة بن زيد، وأبوه هو عبد الرحمن بن زيد روى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. قال الأزدي: كان يضع الحديث. ينظر: الذهبي، الميزان، 3/ 177 (6025)، ابن حجر، اللسان، 4/ 278 (790).
(¬5) ابن عبدالبر، المرجع السابق.