كتاب المصطلحات الحديثية بين الاتفاق والافتراق

وقد صرّح ابن خزيمة بهذا الشرط في صحيحه، وعدّ من أسباب إعلاله الحديث وتضعيفه انقطاع سنده وتصريحه بعدم سماع الراوي ممن هو فوقه (¬1)، بل يستدرك على
نفسه في بعض الأحاديث التي اتضحت له علتها -بانقطاع سندها- بعد إخراجه لها فنبّه عليها. (¬2)
وكذلك صرّح ابن حبان بضرورة اتصال السند لصحة الحديث، ولم تخْلُ تعقيباته بعد بعض مروياته في صحيحه من الإشارة إلى ذلك (¬3)، وقد حرص أيضاً على بيان
¬_________
(¬1) من أمثلة ذلك في صحيحه: قوله تحت كتاب الإمامة في الصلاة، "باب اختيار صلاة المرأة في بيتها على صلاتها في المسجد، إن ثبت الخبر، فإني لا أعرف السائب مولى أم سلمة بعدالة ولا جرح، ولا أقف على سماع حبيب بن أبي ثابت هذا الخبر من ابن عمر، ولا هل سمع قتادة خبره من مورق، عن أبي الأحوص أم لا؛ بل كأني لا أشك أن قتادة لم يسمع من أبي الأحوص؛ لأنه أدخل في بعض أخبار أبي الأحوص بينه وبين أبي الأحوص مورقا، وهذا الخبر نفسه أدخل همام وسعيد بن بشير بينهما مورقا ... " ثم ذكر عدداً من الأحاديث (1683 - 1684 - 1685 - 1686 - 1687) ثم أعقبها بقوله: "وإنما قلت: ولا هل سمع قتادة هذا الخبر عن أبي الأحوص لرواية سليمان التيمي هذا الخبر عن قتادة عن أبي الأحوص؛ لأنه أسقط مورقاً من الإسناد، وهمام وسعيد بن بشير أدخلا في الإسناد مورقاً، وإنما شككت أيضا في صحته لأني لا أقف على سماع قتادة هذا الخبر من مورق". ابن خزيمة، الصحيح، 3/ 92 - 93، وذكر تحت كتاب الصيام، باب ذكر البيان أن الحجامة تفطر الحاجم والمحجوم جميعا ... عدداً من الأحاديث ثم أعقبها بقوله: " فكل ما لم أقل إلى آخر هذا الباب: إن هذا صحيح , فليس من شرطنا في هذا الكتاب، والحسن لم يسمع من ثوبان". المرجع السابق، 3/ 236، ح (1984). للاستزادة ينظر: محمد عوّامة، من مصطلح ابن خزيمة في إعلاله الحديث في صحيحه.
(¬2) ينظر صحيح ابن خزيمة: قوله: "هذا الخبر له علة لم يسمعه الأعمش، عن شقيق لم أكن فهمته في الوقت" 1/ 25 ح (37)، وقوله كذلك: "خبر حماد بن زيد غير متصل الإسناد غلطنا في إخراجه؛ فإن بين هشام بن عروة، وبين محمد بن عمرو بن عطاء، وهب بن كيسان" 1/ 26 ح (38). وقوله: "غلطنا في إخراج الحديث؛ لأن هذا مرسل , موسى بن أبي عثمان لم يسمع من أبي هريرة , أبوه أبو عثمان التبان، روى عن أبي هريرة أخبارا سمعها منه" 3/ 115 ح (1728).
(¬3) من أمثلة ذلك في صحيحه: - أن ابن حبان بعد أن أخرج حديثاً لأبي هريرة - رضي الله عنه - من رواية سعيد ابن أبي الحسن عنه، أشار إلى سبب إثباته لسماع هذا التابعي من أبي هريرة؛ بقوله: "سعيد بن أبي الحسن سمع أبا هريرة بالمدينة؛ لأنه بها نشأ. والحسن لم يسمع منه؛ لخروجه عنها في يَفَاعته." صحيح ابن حبان، 2/ 297 ح (967).
- وأخرج كذلك حديثاً لثوبان من رواية أبي كبشة السلولي، ولم يخرجه من طريق سالم بن أبي الجعد لانقطاعه، فقال: "وخبر سالم بن أبي الجعد عن ثوبان خبر منقطع فلذلك تنكبناه" المرجع السابق، 2/ 337 ح (1034). والرواية الأخرى من طريق سالم أخرجها الإمام أحمد في مسنده، والدارمي في سننه، والحاكم في المستدرك. ينظر: مسند الإمام أحمد بن حنبل، 37/ 60 ح (22378)، مسند الدارمي كتاب الطهارة، باب ما جاء في الطهور، 1/ 519 ح (681)، الحاكم، المستدرك، كتاب الطهارة، 1/ 221 ح (448).

الصفحة 60