كتاب المصطلحات الحديثية بين الاتفاق والافتراق

الشافعي (¬1) والحميدي (¬2) ومسلم من الصفات ما يكون به الراوي ضابطاً لحديثه (¬3)، ومنهم من لم ينص عليها كالحاكم، حيث لم ينص على هذا القيد في تعريفه للصحيح في كتابه معرفة علوم الحديث؛ إلا أنه أشار إلى شرط الاتقان في رواة الصحيح حين ذكر أقسام الصحيح في كتابه المدخل إلى الإكليل (¬4).
وممن لم ينص على قيد الضبط -ممن سبق ابن الصلاح- الإمام الخطابي، وقد نقل السخاوي انتقاد العراقي لذلك، وتعقيب ابن حجر عليه فقال: "ولذلك تعقب المصنف الخطابي في اقتصاره على العدالة، وانتصر شيخنا (¬5) للخطابي ; حيث كاد أن يجعل الضبط من أوصافها، لكن قال في موضع آخر (مما ظاهره المخالفة (: إن تفسير الثقة بمن
¬_________
(¬1) تضمن تعريف كل من الشافعي والحميدي وصف الراوي بالثقة، وهذا الوصف عند المتقدمين يشمل العدالة والضبط. يُنظر: الزركشي النكت، 1/ 100. والسيوطي، التدريب، 61. وتوسع الشافعي بذكر صفات الراوي من حيث العدالة والضبط، ينظر: الشافعي، الرسالة، 370 - 372.
(¬2) نفى الحميدي قبوله لحديث الواهم، ويضاف إليه ما أخرجه ابن أبي حاتم في كتابه الجرح والتعديل نقلاً عن الحميدي يذكر فيه معنى غفلة الراوي التي تّردّ بها روايته، وهذا متضمن لمفهوم ضبط الرواة، فقال: " ... فما الغفلة التي ترد بها حديث الرجل الرضا الذي لا يعرف بكذب؟ قلت: هو أن يكون في كتابه غلط فيقال له في ذلك فيترك ما في كتابه ويحدث بما قالوا، أو يغيره في كتابه؟ قولهم لا يعقل فرق ما بين ذلك، أو يصف تصحيفاً فاحشاً فيقلب المعنى لا يعقل ذلك فيكف عنه، وكذلك من لقن فتلقن التلقين يرد حديثه الذي لقن فيه وأخذ عنه ما أتقن حفظه إذا علم أن ذلك التلقين حادث في حفظه لا يعرف به قديما فأما من عرف به قديما في جميع حديثه فلا يقبل حديثه ولا يؤمن ان يكون ما حفظ مما لقن." ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل، 2/ 33 - 34.
(¬3) وصف مسلم الرواة بالإتقان وهو من معاني الضبط.
(¬4) نص الحاكم على صفة الاتقان، فقال عن القسم الأول من الصحيح المتفق عليه: "ثم يرويه عنه من أتباع التابعين الحافظ المتقن المشهور وله رواة ثقات من الطبقة الرابعة ثم يكون شيخ البخارى أو مسلم حافظا متقنا مشهورا بالعدالة". الحاكم، المدخل إلى الإكليل، 29. وأكّد على ثقة الرواة في الأقسام الأربعة الباقية من الصحيح المتفق عليه، والراوي الثقة في الغالب من جمع بين العدالة والضبط.
(¬5) يقصد ابن حجر العسقلاني.

الصفحة 72