كتاب المصطلحات الحديثية بين الاتفاق والافتراق

وقد زاد ابن حجر قيد التمام لصفة الضبط في راوي الصحيح، وتبعه بعض من جاء بعده، ولعل زيادته لهذا القيد ليمايز بين الصحيح والحسن (¬1)، ولعلها كذلك سبب تعقّبه لابن خزيمة في تعريفه للصحيح حيث قال:
"فلم يلتزم ابن خزيمة وابن حبان في كتابيهما أن يخرجا الصحيح الذي اجتمعت فيه الشروط التي ذكرها المؤلف، لأنهما ممن لا يرى التفرقة بين الصحيح والحسن، بل عندهما أن الحسن قسم من الصحيح لا قسيمه؛ وقد صرح ابن حبان بشرطه، وحاصله أن يكون راوي الحديث عدلاً مشهوراً بالطلب غير مدلس سمع ممن فوقه إلى أن ينتهي؛ فإن كان يروي من حفظه فليكن عالماً بما يحيل المعاني؛ فلم يشترط على الاتصال والعدالة ما اشترطه المؤلف -يعني ابن الصلاح- في الصحيح من وجود الضبط ومن عدم الشذوذ والعلة ... " إلى أن قال: "فإذا تقرر ذلك عرفت أن حكم الأحاديث التي في كتاب ابن خزيمة وابن حبان صلاحية الاحتجاج بها لكونها دائرة بين الصحيح والحسن ما لم يظهر في بعضها علة قادحة؛ وأما أن يكون مراد من يسميها صحيحة أنها جمعت الشروط المذكورة في حد الصحيح فلا؛ والله أعلم." (¬2)
¬_________
(¬1) وصف الضبط بالتمام، يشير إلى مسألة تفاوت الضبط بين الرواة،
قال الحسني في بحثه مدار الإسناد: ولما كانت الأسباب المؤدية إلى التفاوت في الضبط كثيرة جداً مع قلة الأسباب المؤدية إلى التفاوت في العدالة قلَّ جداً ترجيح المحدثين بين الرواة بالعدالة، وأكثر ترجيحاتهم ترجع إلى أمور تتعلق بالضبط، لأن العدالة هي الركن الأكبر في الرواية ... ولابد من اشتراك من يُقبل حديثه من الرواة في أصل العدالة، والتفاضل فيها طفيف مقارنة بالضبط التي تتفاوت مراتبه تفاوتاً بيّناً ... المراجع: ابن الملقن، المقنع، 1/ 97، ابن حجر، النزهة، 71 - 72، السيوطي، البحر الذي زخر، 3/ 1247، القاري، شرح شرح نخبة الفكر 256، الحسني، مدار الإسناد، 2/ 108 - 109 باختصار، الجزائري، توجيه النظر، 1/ 100.
(¬2) ابن حجر، النكت، 1/ 290 - 291.

الصفحة 74