كتاب المصطلحات الحديثية بين الاتفاق والافتراق

وابن خزيمة لم يذكر نفي العلة في شرطه للصحيح إلا أنه مارس تعليل بعض الأحاديث أثناء سرده لأحاديث صحيحه. (¬1)
وأما ابن حبان فقد ذكر في مقدمة صحيحه أنه ترك من الأحاديث التي ظاهرها الصحة لعلل خفية، حيث قال: "وقد تركنا من الأخبار المشاهير التي نقلها عدول ثقات لعلل تبين لنا منها الخفاء على عالم من الناس جوامعها." (¬2)
¬_________
= سعد بن معاذ". ورواه أيضاً من طريق سليمان بن المغيرة، وقال: "لم يذكر سعد بن معاذ، في الحديث" 1/ 110 ح (119). قال ابن كثير في تفسيره موضحاً علة رواية حماد بن سلمة:
"فهذه الطرق الثلاث معللة لرواية حماد بن سلمة، فيما تفرد به من ذكر سعد بن معاذ. والصحيح: أن حال نزول هذه الآية لم يكن سعد بن معاذ موجودا؛ لأنه كان قد مات بعد بني قريظة بأيام قلائل سنة خمس، وهذه الآية نزلت في وفد بني تميم، والوفود إنما تواتروا في سنة تسع من الهجرة، والله أعلم."
- ومن أمثلة الطريقة الثانية: ما أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الصوم، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، عن غيلان بن جرير ... أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((سُئِل عن صوم يوم الاثنين؟ 2/ 819 - 820 ح (1162). فهنا أخّر الرواية السليمة، وقدّم المعللّة، ووضّحها.
ينظر: المراجع: ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، 7/ 367. عوّامة، من منهج مسلم في عرض الحديث المعلل، 22 - 24، 43، محمد عوامة، حذف طرف من الحديث الواحد اختصاراً له أو إعلالاً.
(¬1) من أمثلة ذلك في صحيح ابن خزيمة:
- فقد أخرج في صحيحه كتاب الوضوء، باب ذكر الدليل على أن وطء الأنجاس لا يوجب الوضوء. قال: ثنا عبد الجبار بن العلاء، وعبدالله بن محمد الزهري، وسعيد بن عبدالرحمن المخزومي قالوا: حدثنا سفيان قال عبدالجبار: قال الأعمش: وقال الآخران: عن الأعمش، عن شقيق، عن عبدالله قال: ((كنا نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا نتوضأ من موطئ .. )). 1/ 25 ح (37).
- وبعد أن أخرج حديث أبي هريرة في كتاب المناسك، باب ذكر الدليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد كان أعلمهم وهو بمنى أن ينزل بالأبطح، أعقبه بقوله: "سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم - أين ينزل غدا في حجته إنما هو عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة، فأما آخر القصة: ((لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم))، 4/ 322 ح (2984).
(¬2) صحيح ابن حبان، 1/ 126. ومن أمثلة حرصه على بيان العلل أو نفيها في صحيحه ما يلي: فبعد أن أخرج حديثاً في تحريم الذهب والحرير على الذكور أشار إلى طريق معلولة فقال: "خبر سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى - في هذا الباب - معلول لا يصح." 8/ 69 - 70 ح (5410). وهذه الطريق ذكر الدارقطني في كتابه العلل السبب في إعلالها، فقال: "لأن سعيد بن أبي هند لم يسمع من أبي موسى شيئا". الدارقطني، العلل الواردة في الأحاديث النبوية، 7/ 241 ح (1320). =

الصفحة 92