كتاب البداية والنهاية ط هجر (اسم الجزء: 3)

حَتَّى دَلَّ عَلَى الْغُلَامِ فَأُتِيَ بِهِ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ أَنْ تُبْرِئَ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَهَذِهِ الْأَدْوَاءَ، قَالَ: مَا أَشْفِي أَنَا أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: أَنَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَوَلَكَ رَبٌّ غَيْرِي؟ قَالَ: رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ قَالَ: فَأَخَذَهُ أَيْضًا بِالْعَذَابِ، وَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهِبِ فَأُتِيَ بِالرَّاهِبِ فَقَالَ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ فَأَبَى، فَوَضَعَ الْمِنْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، وَقَالَ لِلْأَعْمَى: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ فَأَبَى، فَوَضَعَ الْمِنْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ.
وَقَالَ لِلْغُلَامِ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ فَأَبَى، فَبَعَثَ بِهِ مَعَ نَفَرٍ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا، وَقَالَ: إِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلَّا فَدَهْدِهُوهُ، فَذَهَبُوا بِهِ فَلَمَّا عَلَوُا الْجَبَلَ قَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ فَرَجَفَ بِهِمُ الْجَبَلُ فَدُهْدِهُوا أَجْمَعُونَ، وَجَاءَ الْغُلَامُ يَتَلَمَّسُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى الْمَلِكِ فَقَالَ: مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ فَقَالَ: كَفَانِيهِمُ اللَّهُ فَبَعَثَ بِهِ مَعَ نَفَرٍ فِي قُرْقُورٍ فَقَالَ: إِذَا لَجَجْتُمُ الْبَحْرَ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلَّا فَأَغْرِقُوهُ فِي الْبَحْرِ، فَلَجَّجُوا بِهِ الْبَحْرَ فَقَالَ الْغُلَامُ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ فَغَرِقُوا أَجْمَعُونَ، وَجَاءَ الْغُلَامُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى الْمَلِكِ فَقَالَ: مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ فَقَالَ: كَفَانِيهِمُ اللَّهُ.
ثُمَّ قَالَ لِلْمَلِكِ: إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرَكَ بِهِ فَإِنْ أَنْتَ فَعَلْتَ مَا آمُرُكَ بِهِ قَتَلْتَنِي، وَإِلَّا فَإِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ قَتْلِي. قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ تَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ، وَتَأْخُذُ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي، ثُمَّ قُلْ: بِسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِي. فَفَعَلَ

الصفحة 25