كتاب البداية والنهاية ط هجر (اسم الجزء: 3)

أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَهْرَامٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ فِي حَاجَةٍ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ فَسَمِعْتُ هَاتِفًا يَقُولُ:
أَبَا عَمْرٍو تَنَاوَبَنِي السُّهُودُ ... وَرَاحَ النَّوْمُ وَامْتَنَعَ الْهُجُودُ
لِذِكْرِ عِصَابَةٍ سَلَفُوا وَبَادُوا ... وَكُلُّ الْخَلْقِ قَصْرُهُمُ يَبِيدُ
تَوَلَّوْا وَارِدِينَ إِلَى الْمَنَايَا ... حِيِاضًا لَيْسَ مَنْهَلَهَا الْوُرُودُ
مَضَوْا لِسَبِيلِهِمْ وَبَقِيتُ خَلْفًا ... وَحِيدًا لَيْسَ يُسْعِفُنِي وَحِيدُ
سُدًى لَا أَسْتَطِيعُ عِلَاجَ أَمْرٍ ... إِذَا مَا عَالَجَ الطِّفْلُ الْوَلِيدُ
فَلَأْيًا مَا بَقِيتُ إِلَى أُنَاسٍ ... وَقَدْ بَاتَتْ بِمَهْلِكِهَا ثَمُودُ
وَعَادٌ وَالْقُرُونُ بِذِي شُعُوبٍ ... سَوَاءٌ كُلُّهُمْ إِرَمٌ حَصِيدُ
قَالَ: ثُمَّ صَاحَ بِهِ آخَرُ: يَا خَرْعَبْ، ذَهَبَ بِكَ الْعَجَبْ، إِنَّ الْعَجَبَ كُلَّ الْعَجَبْ، بَيْنَ زُهْرَةَ وَيَثْرِبْ،. قَالَ: وَمَا ذَاكَ يَا شَاحِبْ؟ قَالَ: نَبِيُّ السَّلَامْ، بُعِثَ بِخَيْرِ الْكَلَامْ، إِلَى جَمِيعِ الْأَنَامْ، فَاخْرُجْ مِنَ الْبَلَدِ الْحَرَامْ، إِلَى

الصفحة 601