كتاب البداية والنهاية ط هجر (اسم الجزء: 5)

دِرْهَمٍ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهِ، قَدْ أَفْلَسَ بِهَا.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، أَنَّ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ كَانَ قَدْ أَجْمَعَ الْقُعُودَ، وَكَانَ شَيْخًا جَلِيلًا جَسِيمًا ثَقِيلًا، فَأَتَاهُ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قَوْمِهِ، بِمِجْمَرَةٍ يَحْمِلُهَا، فِيهَا نَارٌ وَمِجْمَرٌ، حَتَّى وَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا عَلِيٍّ اسْتَجْمِرْ، فَإِنَّمَا أَنْتَ مِنَ النِّسَاءِ. قَالَ: قَبَّحَكَ اللَّهُ، وَقَبَّحَ مَا جِئْتَ بِهِ. قَالَ: ثُمَّ تَجَهَّزَ، وَخَرَجَ مَعَ النَّاسِ. هَكَذَا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ.
وَقَدْ رَوَاهَا الْبُخَارِيُّ عَلَى نَحْوٍ آخَرَ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ حَدَّثَ عَنْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَنَّهُ كَانَ صَدِيقًا لِأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَكَانَ أُمَيَّةُ إِذَا مَرَّ بِالْمَدِينَةِ، نَزَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَكَانَ سَعْدٌ إِذَا مَرَّ بِمَكَّةَ نَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، انْطَلَقَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مُعْتَمِرًا، فَنَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ بِمَكَّةَ، فَقَالَ سَعْدٌ لِأُمَيَّةَ: انْظُرْ لِي سَاعَةَ خَلْوَةٍ، لَعَلِّي أَطُوفُ بِالْبَيْتِ. فَخَرَجَ بِهِ قَرِيبًا مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ، فَلَقِيَهُمَا أَبُو جَهْلٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا صَفْوَانَ مَنْ هَذَا مَعَكَ؟ قَالَ: هَذَا سَعْدٌ. قَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ: أَلَا أَرَاكَ تَطُوفُ بِمَكَّةَ آمِنًا، وَقَدْ آوَيْتُمُ

الصفحة 60