كتاب البداية والنهاية ط هجر (اسم الجزء: 5)

مَا سَلَكْتُهَا قَطُّ، وَلَا لِي بِهَا عِلْمٌ، وَلَئِنْ سِرْتَ حَتَّى تَأْتِيَ بَرْكَ الْغِمَادِ مِنْ ذِي يَمَنٍ، لَنَسِيرَنَّ مَعَكَ، وَلَا نَكُونُ كَالَّذِينِ قَالُوا لِمُوسَى: اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ. وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَّبِعُونَ وَلَعَلَّكَ أَنْ تَكُونَ خَرَجْتَ لِأَمْرٍ وَأَحْدَثَ اللَّهُ إِلَيْكَ غَيْرَهُ، فَانْظُرِ الَّذِي أَحْدَثَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَامْضِ لَهُ، فَصِلْ حِبَالَ مَنْ شِئْتَ، وَاقْطَعْ حِبَالَ مَنْ شِئْتَ، وَعَادِ مَنْ شِئْتَ، وَسَالِمْ مَنْ شِئْتَ، وَخُذْ مِنْ أَمْوَالِنَا مَا شِئْتَ. فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى قَوْلِ سَعْدٍ: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} [الأنفال: 5] الْآيَاتِ» . وَذَكَرَهُ الْأُمَوِيُّ فِي " مَغَازِيهِ " وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَخُذْ مِنْ أَمْوَالِنَا مَا شِئْتَ: وَأَعْطِنَا مَا شِئْتَ، وَمَا أَخَذْتَ مِنَّا كَانَ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِمَّا تَرَكْتَ، وَمَا أَمَرْتَ بِهِ مِنْ أَمْرٍ، فَأَمْرُنَا تَبَعٌ لِأَمْرِكَ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ سِرْتَ حَتَّى تَبْلُغَ الْبَرْكَ مِنْ غُمْدَانَ لَنَسِيرَنَّ مَعَكَ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ ارْتَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَفِرَانَ، فَسَلَكَ عَلَى ثَنَايَا يُقَالُ لَهَا: الْأَصَافِرُ. ثُمَّ انْحَطَّ مِنْهَا إِلَى بَلَدٍ يُقَالُ لَهُ: الدَّبَةُ. وَتَرَكَ الْحَنَّانَ بِيَمِينٍ، وَهُوَ كَثِيبٌ عَظِيمٌ كَالْجَبَلِ الْعَظِيمِ، ثُمَّ نَزَلَ قَرِيبًا مِنْ بَدْرٍ، فَرَكِبَ هُوَ وَرَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: هُوَ أَبُو بَكْرٍ.

الصفحة 74