كتاب البداية والنهاية ط هجر (اسم الجزء: 6)
مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْجُمْهُورِ؛ فَإِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَعَلَ أَوَّلَ التَّارِيخِ مِنْ مُحَرَّمِ سَنَةِ الْهِجْرَةِ. وَعَنْ مَالِكٍ: مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ الْهِجْرَةِ. فَصَارَتِ الْأَقْوَالُ ثَلَاثَةً. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالصَّحِيحُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ أَنَّ أُحُدًا فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ، وَأَنَّ الْخَنْدَقَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: «عُرِضْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِي، وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَأَجَازَنِي» . فَقَدْ أَجَابَ عَنْهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، مِنْهُمُ الْبَيْهَقِيُّ بِأَنَّهُ عُرِضَ يَوْمَ أُحُدٍ فِي أَوَّلِ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ، وَيَوْمَ الْأَحْزَابِ فِي أَوَاخِرِ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ.
قُلْتُ: وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَمَّا عُرِضَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْأَحْزَابِ، كَانَ قَدِ اسْتَكْمَلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةَ، الَّتِي يُجَازُ لِمِثْلِهَا الْغِلْمَانُ، فَلَا يَبْقَى عَلَى هَذَا زِيَادَةٌ عَلَيْهَا. وَلِهَذَا لَمَّا بَلَّغَ نَافِعٌ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ: إِنَّ هَذَا لَفَرْقٌ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ. ثُمَّ كَتَبَ بِهِ إِلَى الْآفَاقِ. وَاعْتَمَدَ عَلَى ذَلِكَ جُمْهُورُ
الصفحة 11
632