كتاب البداية والنهاية ط هجر (اسم الجزء: 6)

لَهُ سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ سَرَّحْتَنِي فِي مِائَةِ رَجُلٍ لَاسْتَنْقَذْتُ بَقِيَّةَ السَّرْحِ وَأَخَذْتُ بِأَعْنَاقِ الْقَوْمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا بَلَغَنِي -: إِنَّهُمُ الْآنَ لَيُغْبَقُونَ فِي غَطَفَانَ " فَقَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَصْحَابِهِ فِي كُلِّ مِائَةِ رَجُلٍ جَزُورًا، وَأَقَامُوا عَلَيْهِ، ثُمَّ رَجَعَ قَافِلًا حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ. قَالَ: وَأَقْبَلَتِ امْرَأَةُ الْغِفَارِيِّ عَلَى نَاقَةٍ مِنْ إِبِلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَدِمَتْ عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ فَأَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ. فَلَمَّا فَرَغَتْ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ نَذَرْتُ اللَّهَ أَنْ أَنْحَرَهَا إِنْ نَجَّانِي اللَّهُ عَلَيْهَا. قَالَ: فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: " بِئْسَ مَا جَزَيْتِهَا أَنْ حَمَلَكِ اللَّهُ عَلَيْهَا وَنَجَّاكِ بِهَا ثُمَّ تَنْحَرِينَهَا، إِنَّهُ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا فِيمَا لَا تَمْلِكِينَ، إِنَّمَا هِيَ نَاقَةٌ مِنْ إِبِلِي، فَارْجِعِي إِلَى أَهْلِكِ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ» قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَالْحَدِيثُ فِي ذَلِكَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ هَكَذَا أَوْرَدَ ابْنُ إِسْحَاقَ هَذِهِ الْقِصَّةَ بِمَا ذَكَرَهُ مِنَ الْإِسْنَادِ وَالسِّيَاقِ.
وَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، بَعْدَ قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَبْلَ خَيْبَرَ: غَزْوَةُ ذِي قَرَدٍ، وَهِيَ الْغَزْوَةُ الَّتِي أَغَارُوا عَلَى لِقَاحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ خَيْبَرَ بِثَلَاثٍ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ يَقُولُ: «خَرَجْتُ قَبْلَ أَنْ يُؤَذَّنَ بِالْأُولَى، وَكَانَتْ لِقَاحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْعَى بِذِي قَرَدٍ. قَالَ: فَلَقِيَنِي غُلَامٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ: أُخِذَتْ لِقَاحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: مَنْ أَخَذَهَا؟ قَالَ: غَطَفَانُ. قَالَ: فَصَرَخْتُ ثَلَاثَ صَرَخَاتٍ: يَا

الصفحة 169