كتاب البداية والنهاية ط هجر (اسم الجزء: 6)

انْصَرِفْ أَيُّهَا الشَّيْخُ، فَنَحْنُ أَعْلَمُ بِحُرْمَتِهَا مِنْكَ، إِنَّهَا لَا تَمْنَعُ سَافِكَ دَمٍ، وَلَا خَالِعَ طَاعَةٍ، وَلَا مَانِعَ جِزْيَةٍ. فَقَالَ أَبُو شُرَيْحٍ: إِنِّي كُنْتُ شَاهِدًا، وَكُنْتَ غَائِبًا، وَقَدْ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَلِّغَ شَاهِدُنَا غَائِبَنَا، وَقَدْ أَبْلَغْتُكَ، فَأَنْتَ وَشَأْنُكَ» .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَبَلَغَنِي «أَنَّ أَوَّلَ قَتِيلٍ وَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ جُنَيْدِبُ بْنُ الْأَكْوَعِ، قَتَلَتْهُ بَنُو كَعْبٍ، فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِائَةِ نَاقَةٍ» .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " كُفُّوا السِّلَاحَ، إِلَّا خُزَاعَةَ عَنْ بَنِي بَكْرٍ ". فَأَذِنَ لَهُمْ حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ قَالَ: " كُفُّوا السِّلَاحَ ". فَلَقِيَ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ رَجُلًا مِنْ بَنِي بَكْرٍ مِنْ غَدٍ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَقَتَلَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ - فَرَأَيْتُهُ وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ قَالَ -: " إِنَّ أَعْدَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ مَنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ، أَوْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ، أَوْ قَتَلَ بِذُحُولِ الْجَاهِلِيَّةِ» وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ، وَهَذَا غَرِيبٌ جِدًّا، وَقَدْ رَوَى أَهْلُ السُّنَنِ بَعْضَ هَذَا الْحَدِيثِ، فَأَمَّا مَا فِيهِ مِنْ أَنَّهُ رَخَّصَ لِخُزَاعَةَ أَنْ تَأْخُذَ بِثَأْرِهَا مَنْ بَنِي بَكْرٍ إِلَى الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ، فَلَمْ أَرَهُ

الصفحة 581