كتاب البداية والنهاية ط هجر (اسم الجزء: 6)

الْمُتَقَدِّمِ فِي هَذَا، فَلَا إِشْكَالَ عَلَى مَنْ أَخَّرَ، وَلَا عَلَى مَنْ قَدَّمَ أَيْضًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَمَعَهُ رَايَتُهُ، وَابْتَدَرَهَا النَّاسُ.
وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي " مَغَازِيهِ " عَنِ الزُّهْرِيِّ: «فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُغْتَسَلِهِ، كَمَا يَزْعُمُونَ قَدْ رَجَّلَ أَحَدَ شِقَّيْهِ، أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَى فَرَسٍ عَلَيْهِ لَأْمَتُهُ، حَتَّى وَقَفَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ عِنْدَ مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ، أَوَقَدْ وَضَعْتَ السِّلَاحَ؟ قَالَ: " نَعَمْ ". فَقَالَ جِبْرِيلُ: لَكِنَّا لَمْ نَضَعْهُ مُنْذُ نَزَلَ بِكَ الْعَدُوُّ، وَمَا زِلْتُ فِي طَلَبِهِمْ حَتَّى هَزَمَهُمُ اللَّهُ. وَيَقُولُونَ: إِنَّ عَلَى وَجْهِ جِبْرِيلَ لَأَثَرَ الْغُبَارِ. فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَكَ بِقِتَالِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَأَنَا عَامِدٌ إِلَيْهِمْ بِمَنْ مَعِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ؛ لِأُزَلْزِلَ بِهِمُ الْحُصُونَ، فَاخْرُجْ بِالنَّاسِ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَثَرِ جِبْرِيلَ، فَمَرَّ عَلَى مَجْلِسِ بَنِي غَنْمٍ، وَهُمْ يَنْتَظِرُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُمْ فَقَالَ: " مَرَّ عَلَيْكُمْ فَارِسٌ آنِفًا؟ " قَالُوا: مَرَّ عَلَيْنَا دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ عَلَى فَرَسٍ أَبْيَضَ، تَحْتَهُ نَمَطٌ أَوْ قَطِيفَةُ دِيبَاجٍ، عَلَيْهِ اللَّأْمَةُ. فَذَكَرُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " ذَاكَ جِبْرِيلُ ". وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشَبِّهُ دِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ بِجِبْرِيلَ. فَقَالَ:

الصفحة 76