كتاب البداية والنهاية ط هجر (اسم الجزء: 6)

وَقَوْلُ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ: إِنَّهُ مَكَثَ عِشْرِينَ لَيْلَةً مُرْتَبِطًا بِهِ، أَشْبَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ تَوْبَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ وَهُوَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ فَجَعَلَ يَبْتَسِمُ فَسَأَلَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ، فَأَخْبَرَهَا بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَى أَبِي لُبَابَةَ، فَاسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ تُبَشِّرَهُ، فَأَذِنَ لَهَا فَخَرَجَتْ فَبَشَّرَتْهُ، فَثَارَ النَّاسُ إِلَيْهِ يُبَشِّرُونَهُ، وَأَرَادُوا أَنْ يَحِلُّوهُ مِنْ رِبَاطِهِ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يَحِلُّنِي إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ حَلَّهُ مِنْ رِبَاطِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ إِنَّ ثَعْلَبَةَ بْنَ سَعْيَةَ، وَأُسَيْدَ بْنَ سَعْيَةَ، وَأَسَدَ بْنَ عُبَيْدٍ - وَهُمْ نَفَرٌ مِنْ بَنِي هَدْلٍ، لَيْسُوا مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ وَلَا النَّضِيرِ - نَسَبُهُمْ فَوْقَ ذَلِكَ، هُمْ بَنُو عَمِّ الْقَوْمِ، أَسْلَمُوا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ الَّتِي نَزَلَتْ فِيهَا قُرَيْظَةُ عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَرَجَ فِي تِلْكَ عَمْرُو بْنُ سُعْدَى الْقُرَظِيُّ، فَمَرَّ بِحَرَسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: أَنَا عَمْرُو بْنُ سُعْدَى. وَكَانَ عَمْرٌو قَدْ أَبَى أَنْ يَدْخُلَ مَعَ بَنِي قُرَيْظَةَ فِي غَدْرِهِمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: لَا أَغْدِرُ بِمُحَمَّدٍ أَبَدًا.

الصفحة 81