كتاب البداية والنهاية ط هجر (اسم الجزء: 7)
حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْعَى بَطْنَ الْمَسِيلِ إِذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.» وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، نَزَلَ مِنَ الصَّفَا، فَلَمَّا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي الْوَادِي رَمَلَ، حَتَّى إِذَا صَعِدَ مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ. وَهَذَا هُوَ الَّذِي تَسْتَحِبُّهُ الْعُلَمَاءُ قَاطِبَةً ; أَنَّ السَّاعِيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَرْمُلَ فِي بَطْنِ الْوَادِي فِي كُلِّ طَوْفَةٍ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ الَّذِي بَيْنَهُمَا، وَحَدَّدُوا ذَلِكَ بِمَا بَيْنَ الْأَمْيَالِ الْخُضْرِ، فَوَاحِدٌ مُفْرَدٌ مِنْ نَاحِيَةِ الصَّفَا مِمَّا يَلِي الْمَسْجِدَ، وَاثْنَانِ مُجْتَمِعَانِ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَرْوَةِ مِمَّا يَلِي الْمَسْجِدَ أَيْضًا. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مَا بَيْنَ هَذِهِ الْأَمْيَالِ الْيَوْمَ أَوْسَعُ مِنْ بَطْنِ الْمَسِيلِ الَّذِي رَمَلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ فِي الْكِتَابِ الَّذِي جَمَعَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: ثُمَّ خَرَجَ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، إِلَى الصَّفَا فَقَرَأَ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ ". فَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَيْضًا سَبْعًا رَاكِبًا عَلَى بَعِيرٍ، يَخُبُّ ثَلَاثًا وَيَمْشِي أَرْبَعًا. فَإِنَّهُ لَمْ يُتَابِعْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَلَمْ يَتَفَوَّهْ بِهِ أَحَدٌ قَبْلَهُ مِنْ أَنَّهُ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، خَبَّ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَمَشَى أَرْبَعًا، ثُمَّ مَعَ هَذَا الْغَلَطِ الْفَاحِشِ لَمْ يَذْكُرْ عَلَيْهِ دَلِيلًا بِالْكُلِّيَّةِ، بَلْ لَمَّا انْتَهَى إِلَى مَوْضِعِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَيْهِ قَالَ: وَلَمْ نَجِدْ عَدَدَ الرَّمَلِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مَنْصُوصًا، وَلَكِنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. هَذَا لَفْظُهُ فَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الرَّمَلَ
الصفحة 541
690