كتاب البداية والنهاية ط هجر (اسم الجزء: 7)

قُلْتُ: وَالْمَنْقُولُ فِي الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ خِلَافُ ذَلِكَ، فَقَدْ قَدَّمْنَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " «أَنَّهُ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَأَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ، فَصَارَ قَارِنًا، وَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَقَالَ: هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.»
وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ طَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا، وَسَعَى لَهُمَا سَعْيًا وَاحِدًا» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. قُلْتُ: إِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. وَهَكَذَا جَرَى لِعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهَا كَانَتْ مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ ; لِعَدَمِ سَوْقِ الْهَدْيِ مَعَهَا، فَلَمَّا حَاضَتْ أَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَغْتَسِلَ، وَتُهِلَّ بِحَجٍّ مَعَ عُمْرَتِهَا، فَصَارَتْ قَارِنَةً، فَلَمَّا رَجَعُوا مِنْ مِنًى طَلَبَتْ أَنْ يُعْمِرَهَا مِنْ بَعْدِ الْحَجِّ، فَأَعْمَرَهَا تَطْيِيبًا لِقَلْبِهَا، كَمَا جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي الْحَدِيثِ.
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّافِعِيُّ: أَنْبَأَنَا مُسْلِمٌ، هُوَ ابْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَائِشَةَ: «طَوَافُكِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَكْفِيكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ ".» وَهَذَا ظَاهِرُهُ الْإِرْسَالُ، وَهُوَ مُسْنَدٌ فِي الْمَعْنَى، بِدَلِيلِ مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ: عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ. وَرُبَّمَا قَالَ: عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ

الصفحة 550